الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } * { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ تَٱللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } * { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } * { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ }

قوله تعالى: { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ } أي: وما يكن بكم من نعمة فمن الله، { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ } ، القحط والمرض، { فَإِلَيْهِ تَجْـأرُونَ } ، تضجُّون وتصيحون بالدعاء والاستغاثة. { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ }. { لِيَكْفُرُواْ } ، ليجحدوا، وهذه اللام تُسمى لام العاقبة، أي: حاصل أمرهم هو كفرهم { بِمَآ ءَاتَيْنَـٰهُمْ } أعطيناهم من النعماء وكشف الضراء والبلاء، { فَتَمَتَّعُواْ } ، أي: عيشوا في الدنيا المدة التي ضربتها لكم، { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } عاقبة أمركم. هذا وعيدٌ لهم. { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ } ، له حقاً، أي: الأصنام، { نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ } ، من الأموال، وهو ما جعلوا للأوثان من حروثهم وأنعامهم، فقالوا: هذا لله بزعمهم، وهذا لشركائنا. ثم رجع من الخبر إلى الخطاب فقال: { تَٱللهِ لَتُسْئَلُنَّ } ، يوم القيامة، { عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ } ، في الدنيا. { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَـٰتِ } وهم خزاعة وكنانة، قالوا: الملائكة بنات الله تعالى: { سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ } ، أي: ويجعلون لأنفسهم البنين الذين يشتهونهم، فتكون " ما " في محل النصب، ويجوز أن تكون على الابتداء فتكون " ما " في محل الرفع. { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا } ، متغيراً من الغمِّ والكراهية، { وَهُوَ كَظِيمٌ } ، وهو ممتلىء حزناً وغيظاً، فهو يكظمه، أي: يمسكه ولا يظهره.