الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } * { وَٱلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ } * { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }

{ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي: ارتفع عما يشركون. { خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ } ، جَدِلٌ بالباطل، { مُّبِينٌ }. نزلت في أبيّ بن خلف الجمحي، وكان ينكر البعث جاء بعظم رميم فقال: أتقول إن الله تعالى يحيي هذا بعد ما قد رمَّ؟ كما قال جل ذكرهوَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ } [يس: 78]، نزلت فيه أيضاً. والصحيح أن الآية عامة، وفيها بيان القدرة وكشف قبيح ما فعلوه، من جحد نعم الله مع ظهورها عليهم. قوله تعالى: { وَٱلأَنْعَـٰمَ خَلَقَهَا } ، يعني الإِبل والبقر والغنم، { لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ } يعني: من أوبارها وأشعارها وأصوافها ملابس ولُحفاً تستدفئون بها، { وَمَنَـٰفِعُ } ، بالنسل والدر والركوب والحمل وغيرها، { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } ، يعني لحومها. { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ } ، زينة، { حِينَ تُرِيحُونَ } ، أي: حين تردونها بالعشي من مراعيها إلى مباركها التي تأوى إليها، { وَحِينَ تَسْرَحُونَ } ، أي: تخرجونها بالغداة من مراحها إلى مسارحها، وقدم الرواح لأن المنافع تؤخذ منها بعد الرواح، ومالكَها يكون أعجب بها إذا راحت. { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ } ، أحمالكم، { إِلَىٰ بَلَدٍ } ، آخر غير بلدكم. قال عكرمة: البلد مكة، { لَّمْ تَكُونُواْ بَـٰلِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ } ، أي: بالمشقة والجهد. والشق: النصف أيضاً أي: لم تكونوا بالغيه إلا بنقصان قوة النفس وذهاب نصفها. وقرأ أبو جعفر { بِشَقِّ } بفتح الشين، وهما لغتان، مثل: رطْل ورِطْل. { إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } ، بخلقه حيث جعل لكم هذه المنافع.