الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي ٱللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ هَـٰجَرُواْ فِى ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } ، عذبوا وأوذوا في الله. نزلت في بلال، وصُهيب، وخبَّاب، وعمّار، وعابس، وجبر، وأبي جندل بن سهيل، أخذهم المشركون بمكة فعذَّبوهم. وقال قتادة: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ظلمهم أهل مكة، وأخرجوهم من ديارهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة، ثم بوأهم الله المدينةَ بعد ذلك فجعلها لهم دارَ هجرة، وجعل لهم أنصاراً من المؤمنين. { لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَة } ، وهو أنه أنزلهم المدينة. روي أن عمر بن الخطاب كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاء يقول: خُذْ بارك الله لك فيه، هذا ما وعدك الله في الدنيا، وما ادَّخَرَ لك في الآخرة أفضل، ثم تلا هذه الآية. وقيل: معناه لنحسننّ إليهم في الدنيا. وقيل: الحسنة في الدنيا التوفيق والهداية. { وَلأَجْرُ ٱلأَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }. وقوله: «لو كانوا يعلمون»، ينصرف إلى المشركين لأن المؤمنين كانوا يعلمونه. { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } ، في الله على ما نابهم، { وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }. { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِىۤ إِلَيْهِمْ } ، نزلت في مشركي مكة حيث أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً، فهلاّ بعث إلينا مَلَكاً؟ { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ } ، يعني مؤمني أهل الكتاب، { إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }.