الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ }

قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنِّى خَـٰلِقٌ بَشَراً } ، أي: سأخلق بشراً، { مِن صَلْصَـٰلٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ }. { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ } ، عدَّلْتُ صورته، وأتممت خلقه، { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى } ، فصار بشراً حياً، والروح جسم لطيف يحيا به الإِنسان أضاف إلى نفسه تشريفاً، { فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ } ، سجود تحية لا سجود عبادة. { فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } ، الذين أمروا بالسجود، { كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ }. فإن قيل: لِمَ قال { كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } وقد حصل المقصود بقوله فسجد الملائكة؟ قلنا: زعم الخليل وسيبويه أنه ذكر ذلك تأكيداً. وذكر المبرِّد: أن قوله { فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } كان من المحتمل أنه سجد بعضهم فذكر " كلهم " ليزول هذا الإِشكال، ثم كان يحتمل أنهم سجدوا في أوقات مختلفة فزال ذلك الإِشكال بقوله: { أَجْمَعُونَ }. وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه: إن الله عزّ وجلّ قال لجماعة من الملائكة: اسجدوا لآدم فلم يفعلوا فأرسل الله عليهم ناراً فأحرقتهم، ثم قال لجماعة أخرى: اسجدوا لآدم فسجدوا.