الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } * { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ }

{ الۤر } قيل معناه أنا الله أرى، { تِلْكَ ءَايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ } ، أي: هذه آيات الكتاب، { وَقُرْءَانٍ } أي: وآيات قرآن، { مُّبِينٍ } ، أي: بيَّن الحلال من الحرام والحق من الباطل. فإن قيل: لِمَ ذكر الكتاب ثم قال { وَقُرْءَانٍ مُّبِينٍ } وكلاهما واحد؟ قلنا: قد قيل كل واحد منهما يفيد فائدة أخرى، فإن الكتاب: ما يكتب، والقرآن: ما يجمع بعضه إلى بعض. وقيل: المراد بالكتاب: التوراة والإِنجيل، وبالقرآن هذا الكتاب. { رُّبَمَا } قرأ أبو جعفر ونافع وعاصم بتخفيف الباء والباقون بتشديدها، وهما لغتان، ورُبَّ للتقليل وكم للتكثير، ورُبَّ تدخل على الاسم، وربما على الفعل، يقال: رُبَّ رجل جاءني، ورُبَمَا جاءني رجل، وأدخل ما هاهنا للفعل بعدها. { يَوَدُّ } ، يتمنى، { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ }. واختلفوا في الحال التي يتمنى الكافر فيها الإِسلام. قال الضحاك: حالة المعاينة. وقيل: يوم القيامة. والمشهور أنه حين يخرج الله المؤمنين من النار. وروي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار لمن في النار من أهل القبلة، ألستم مسلمين؟ قالوا بلى، قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وأنتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب فأُخذنا بها، فيغفر الله تعالى لهم بفضل رحمته، فيأمر بكل من كان من أهل القبلة في النار فيخرجون منها، فحينئذٍ يودُّ الذين كفروا لَوْ كانوا مسلمين " فإن قيل: كيف قال " ربما " وهي للتقليل وهذا التمني يكثر من الكفار؟ قلنا: قد تذكر " ربما " للتكثير، أو أراد: أن شغلهم بالعذاب لا يفرغهم للندامة إنما يخطر ذلك ببالهم أحياناً.