الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } * { وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ }

{ مُهْطِعِينَ } ، قال قتادة: مسرعين. قال سعيد بن جبير: الاهطاع النَّسَلان كعَدْوِ الذئب. قال مجاهد: مديمي النظر. ومعنى " الإِهطاع ": أنهم لا يلتفتون يميناً ولا شمالاً، ولا يعرفون مواطن أقدامهم. { مُقْنِعِى رُءُوسِهِمْ } ، أي: رافعي رؤوسهم. قال القتيبي: المُقْنِعُ: الذي يرفع رأسه ويقبل ببصره على ما بين يديه. وقال الحسن: وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء، لا ينظر أحدٌ إلى أحد. { لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ } أي: لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة النظر، وهي شاخصة قد شغلهم ما بين أيديهم. { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } ، أي: خالية. قال قتادة: خرجت قلوبهم عن صدورهم، فصارت في حناجرهم، لا تخرج من أفواههم ولا تعود إلى أمكانها، فالأفئدة هواء لا شيء فيها، ومنه سُمِّي ما بين السماء والأرض هواء لِخُلُوِّهِ. وقيل: خالية لا تعي شيئاً ولا تعقل من الخوف. وقال الأخفش: جوفاء لا عقول لها. والعرب تسمي كل أجوف خاوٍ هواء. وقال سعيد بن جبير: { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } أي: مترددة، تمور في أجوافهم، ليس لها مكان تستقرُّ فيه. وحقيقة المعنى: أن القلوب زائلة عن أماكنها، والأبصار شاخصة من هول ذلك اليوم. { وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ } ، خوّفهم، { يَوْمَ } ، أي: بيوم، { يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ } ، وهو يوم القيامة، { فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } ، أشركوا، { رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ } ، أملهنا، { إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } ، هذا سؤالهم الردّ إلى الدنيا، أي: ارجِعْنا إليها، { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ } ، فيجابون: { أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ } ، حلفتم في دار الدنيا، { مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } ، عنها أي: لا تبعثون. وهو قوله تعالى:وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَـٰنِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ } [النحل: 38].