الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِناً وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } * { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله عزّ وجلّ: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ } ، يعني: الحرم، { ءَامِناً } ذَا أمن يؤمن فيه، { وَٱجْنُبْنِى } ، أبعِدْني، { وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } ، يقال: جَنَبْتُه الشيءَ، وأجْنَبْتُه جنباً، وجَنَّبْتُهُ تَجْنِيْبَاً واجتنبتُه اجتناباً بمعنى واحد. فإن قيل: قد كان إبراهيم عليه السلام معصوماً من عبادة الأصنام، فكيف يستقيم السؤال؟ وقد عبد كثير من بنيه الأصنام فأين الإِجابة؟ قيل: الدعاء في حق إبراهيم عليه السلام لزيادة العصمة والتثبيت، وأما دعاؤه لبنيه: فأراد بنيه من صُلْبه، ولم يعبد منهم أحدٌ الصنم. وقيل: إن دعاءه لمن كان مؤمناً من بنيه. { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ } ، يعني: ضل بهن كثيراً من الناس عن طريق الهدى حتى عبدوهن، وهذا من المقلوب نظيره قوله تعالى:إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } [آل عمران: 175]، أي: يخوفهم بأوليائه. وقيل: نسبَ الإِضلال إلى الأصنام لأنهن سبب فيه، كما يقول القائل: فتنتني الدنيا، نسب الفتنة إلى الدنيا لأنها سبب الفتنة. { فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى } ، أي: مِنْ أهل ديني، { وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، قال السدي: معناه: ومن عصاني ثم تاب. وقال مقاتل بن حيان: ومن عصاني فيما دون الشرك. وقيل: قال ذلك قبل أن يعلمه الله أنه لا يغفر الشرك.