الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } * { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } * { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }

{ قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } ، قال الفراء: هذا جزم على الجزاء، { وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلَـٰلٌ } ، مخاللة وصداقة. قرأ ابن كثير، وابن عمرو، ويعقوب: " لا بيعَ فيه ولا خلالَ " بالنصب فيهما على النفي العام. وقرأ الباقون: " لا بيعٌ ولا خلال " بالرفع والتنوين. { ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِىَ فِى ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } ، { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأنَّهَارَ } ، ذللها لكم، تجرُونها حيث شئتم. { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ } ، يجريان فيما يعود إلى مصالح العباد ولا يَفْتُرَان، قال ابن عباس دؤوبُهُما في طاعة الله عزّ وجلّ. { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } ، يتعاقبان في الضياء والظلمة والنقصان والزيادة. { وَءَاتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } ، يعني: وآتاكم من كل شيء سألتموه شيئاً، فحذف الشيء الثاني اكتفاءً بدلالة الكلام، على التبعيض. وقيل: هو على التكثير نحو قولك: فلان يعلم كلَّ شيء، وآتاه كلَّ النَّاس، وأنت تعني بعضهم، نظيره قوله تعالى:فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَىْءٍ } [الأنعام: 44]. وقرأ الحسن { من كلٍّ } ، بالتنوين { ما } على النفي يعني من كل ما لم تسألوه، يعني: أعطاكم أشياء ما طلبتموها ولا سألتموها. { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ } ، أي: نعم الله، { لاَ تُحْصُوهَآ } ، أي: لا تطيقوا عدَّها ولا القيام بشُكرِها. { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } ، أي: ظالم لنفسه بالمعصية، كافرٌ بربِّه عز وجل في نعمته. وقيل: الظلوم، الذي يشكر غير من أنعم عليه، والكافر: من يجحد مُنْعِمَه.