الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ }

{ وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ، يعني: من قبل مشركي مكة، والمكر: إيصالُ المكروه إلى الإِنسان من حيث لا يشعر. { فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعاً } ، أي: عند الله جزاء مكرهم. وقيل: إن الله خالق مكرهم جميعاً، بيده الخيرُ والشرُ، وإليه النفع والضر، فلا يضر مَكْرُ أحدٍ أحداً إلا بإذنه. { يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّـٰرُ } ، قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو { الكفار } على التوحيد، وقرأ الآخرون { الكافّر } على الجمع. { لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ } أي: عاقبة الدار الآخرة حين يدخلون النار، ويدخل المؤمنون الجنة. { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ } ، إني رسوله إليكم { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَـٰبِ } ، يريد: مؤمني أهل الكتاب يشهدون أيضاً على ذلك. قال قتادة: هو عبدُ الله بنُ سلام. وأنكر الشعبي هذا وقال: السورة مكية، وعبدُ الله بن سلام بالمدينة. وقال أبو بشر: قلت لسعيد بن جبير { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَـٰبِ } أهو عبدالله بن سلام؟ فقال: وكيف يكون عبدالله بن سلام وهذه السورة مكية؟ وقال الحسن ومجاهد: { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَـٰبِ } هو الله عزّ وجلّ، يدلُّ عليه: قراءة عبدالله بن عباس، { وَمَنْ عِندَهُ } ، بكسر الميم والدال، أي: من عند الله عزّ وجلّ، وقرأ الحسن وسعيد بن جبير { ومِنْ عندِه } بكسر الميم والدال { عُلِمَ الكتاب } على الفعل المجهول، دليل هذه القراءة قوله تعالى:وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } [الكهف: 65] وقوله:ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } [الرحمن:1 - 2].