الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ }

قوله عزّ وجلّ: { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ } ، أي: يُوسِّع على من يشاء ويُضيقُ على من يشاء. { وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } ، يعني: مشركي مكة أَشِروا وَبَطروا، والفرح: لذة في القلب بِنَيْل المشتهى، وفيه دليل على أن الفرح بالدنيا حرام. { وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا فِى ٱلأَخِرَةِ إِلاَّ مَتَـٰعٌ } أي: قليل ذاهب. قال الكلبي: كمثل السُكرجةِ والقَصعة والقدَحِ والقِدرِ ينتفع بها ثم تذهب. { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، من أهل مكة، { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِىۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } أي: يهدي إليه من يشاء بالإِنابة. وقيلَ: يرشدُ إلى دينه من رجع إليه بقلبه. { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } ، في محل النصب، بدلاٌ من قوله: " من أَنَابَ " ، { وَتَطْمَئِنُّ } ، تسكن، { قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ } ، قال مقاتل: بالقرآن، والسُّكون يكون باليقين، والاضطراب يكون بالشك، { أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } ، تسكن قلوب المؤمنين ويستقر فيها اليقين. قال ابن عباس: هذا في الحَلِفِ، يقول: إذا حلف المسلم بالله على شيءٍ تسكن قلوبُ المؤمنينَ إليه. فإن قيل: أليس قد قال الله تعالى:إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } [الأنفال: 2]، فكيف تكونُ الطمأنينةُ والوَجَل في حالةٍ واحدةٍ؟. قيل: الوَجَل عند ذكر الوعيد والعقاب، والطمأنينة عند ذكر الوعد والثواب، فالقلوب توجل إذا ذكرت عدل الله وشدة حسابه، وتطمئنُّ إذا ذكرت فضل الله وثوابه وكرمه.