الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّـآ إِذاً لَّظَالِمُونَ }

{ قَالُواْ يَٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً }. وفي القصة أنهم غضبوا غضباً شديداً لهذه الحالة، وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لم يطاقوا، وكان روبيل إذا غضب لم يقم لغضبه شيء، وإذا صاح ألقت كل امرأة حامل سمعت صوته ولدها، وكان مع هذا إذا مسَّه أحد من ولد يعقوب سكن غضبه. وقيل: كان هذا صفة شمعون من ولد يعقوب. ورُوي أنه قال لإِخوته: كم عدد الأسواق بمصر؟ فقالوا: عشرة، فقال: اكفوني أنتم الأسواق وأنا أكفيكم الملك، أو اكفوني أنتم الملك وأنا أكفيكم الأسواق، فدخلوا على يوسف فقال روبيل: لتردن علينا أخانا أو لأصيحن صيحة لا تبقي بمصر امرأة حامل إلاّ ألقت ولدها وقامت كل شعرة في جسد روبيل فخرجت من ثيابه، فقال يوسف لابنٍ له صغير: قم إلى جنب روبيل فمسه. ورُوي: خذ بيده فاتني به، فذهب الغلام فمسّه فسكن غضبه. فقال روبيل: إن هاهنا لبَزْراً من بَزْر يعقوب، فقال يوسف: مَنْ يعقوب؟ ورُوي أنه غضب ثانياً فقام إليه يوسف فركضه برجله وأخذ بتلابيبه، فوقع على الأرض وقال: أنتم يا معشر العبرانيين تظنون أن لا أحدَ أشدّ منكم؟ فلما صار أمرهم إلى هذا ورأوا أن لا سبيل لهم إلى تخليصه خضعوا وذلوا، وقالوا: يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً يحبه، { فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ } ، بدلاً منه، { إِنَّا نَرَٰكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } ، في أفعالك. وقيل: من المحسنين إلينا في توفية الكيل وحسن الضيافة ورد البضاعة. وقيل: يعنون: إن فعلت ذلك كنت من المحسنين. { قَالَ } يوسف: { مَعَاذَ ٱللَّهِ } أعوذ بالله، { أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَـٰعَنَا عِندَهُ } ، ولم يقل إلا من سرق تحرزاً من الكذب، { إِنَّـآ إِذاً لَّظَـٰلِمُونَ } ، إن أخذنا بريئاً بمجرم.