الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } * { قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ }

{ وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَـٰعَهُمْ } ، الذي حملوه من مصر، { وَجَدُواْ بِضَـٰعَتَهُمْ } ، أي: ثمن الطعام، { رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا نَبْغِى } ، أي: ماذا نبغي وأي شيء نطلب؟ وذلك أنهم ذكروا ليعقوب عليه السلام إحسان الملك إليهم وحثّوه على إرسال بنيامين معهم، فلما فتحوا المتاع ووجدوا البضاعة، { هَـٰذِهِ بِضَـٰعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا } ، أيُّ شيء نطلب بالكلام فهذا هو العيان من الإِحسان والإِكرام، أوْفَى لنا الكيلَ ورَدَّ علينا الثمن، أرادوا تطييب نفس أبيهم، { وَنَمِيرُ أَهْلَنَا } ، أي: نشتري لهم الطعام فنحمله إليهم. يقال: مار أهله يَمِيْر مَيْراً: إذا حمل إليهم الطعام من بلد إلى بلد آخر. ومثله أمتار يمتار امتياراً. { وَنَحْفَظُ أَخَانَا } بنيامين، أي: مما تخاف عليه. { وَنَزْدَادُ } ، على أحملنا، { كَيْلَ بَعِيرٍ } ، أي: حمل بعير يكال لنا من أجله، لأنه كان يعطي باسم كل رجل حمل بعير، { ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } ، أي: ما حملنا قليل لا يكفينا وأهلنا. وقيل: معناه ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير لا مؤنة فيه ولا مشقة. وقال مجاهد: البعير هاهنا هو الحمار. كيل بعير، أي: حمل حمار، وهي لغة، يقال للحمار: بعير. وهم كانوا أصحاب حُمُرٍ والأول أصح أنه البعير المعروف. { قَالَ } لهم يعقوب، { لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ } ، تعطوني { مَوْثِقاً } ، ميثاقاً وعهداً، { مِّنَ ٱللَّهِ } ، والعهد الموثَّق: المؤكّد بالقسم. وقيل: هو المؤكّد بإشهاد الله على نفسه، { لَتَأْتُنَّنِى بِهِ } ، وأدخل اللام فيه لأن معنى الكلام اليمين، { إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ } ، قال مجاهد: إلاّ أن تهلكوا جميعاً. وقال قتادة: إلاّ أن تغلبوا حتى لا تطيقوا ذلك. وفي القصة: أن الأخوة ضاق الأمر عليهم وجهدوا أشد الجهد، فلم يجد يعقوب بداً من إرسال بنيامين معهم. { فَلَمَّآ ءَاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ } ، أعطوه عهودهم، { قَالَ } ، يعني: يعقوب { ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } ، شاهد. وقيل: حافظ. قال كعب: لما قال يعقوب فالله خير حافظاً، قال الله عزّ وجلّ: وعزتي لأُرُدَّنَّ عليك كليهما بعدما توكّلتَ عليّ.