الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

قوله عزّ وجلّ: { وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } ، يصطفيك ربك يقوله يعقوب ليوسف، أي: كما رفع منزلتك بهذه الرؤيا، فكذلك يصطفيك ربُّك، { وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } ، يريد تعبير الرؤيا، سمي تأويلاً لأنه يؤول أمره إلى ما رأى في منامه، والتأويل ما يؤول إليه عاقبة الأمر، { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } ، يعني: بالنبوة، { وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ } ، أي: على أولاده فإنّ أولاده كلهم كانوا أنبياء، { كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْحَـٰقَ } فجعلهما نبيين، { إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }. وقيل: المراد من إتمام النعمة على إبراهيم الخلّة. وقيل: إنجاؤه من النار، وعلى إسحاق إنجاؤه من الذبح. وقيل: بإخراج يعقوب والأسباط من صلبه. قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان بين رؤيا يوسف هذه وبين تحقيقها بمصر أبويه وإخوته إليه أربعون سنة، وهو قول أكثر أهل التفسير. وقال الحسن البصري: كان بينهما ثمانون سنة. فلما بلغت هذه الرؤيا إخوة يوسف حسدوه، وقالوا: ما رضي أن يسجد له إخوته حتى يسجد له أبواه فَبَغَوْهُ.