الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ }

فذلك قوله عزّ وجلّ: { وَشَرَوْهُ } ، أي: باعوه، { بِثَمَنٍ بَخْسٍ } ، قال الضحاك، ومقاتل، والسدي: حرام لأن ثمن الحرِّ حرام، وسُمي الحرام بخساً لأنه مبخوس البركة. وعن ابن عباس وابن مسعود: بخس أي زيوف. وقال عكرمة والشعبي: بثمن قليل. { دَرَٰهِمَ } ، بدل من الثمن، { مَعْدُودَةٍ } ، ذكَّر العدد عبارة عن قلتها. وقيل: إنما قال معدودة لأنّهم كانوا في ذلك الزمان لا يَزْنُون ما كان أقل من أربعين درهماً، إنما كانوا يعدُّونها عدَّاً، فإذا بلغت أوقية وزنوها. واختلفوا في عدد تلك الدراهم: فقال ابن عباس وابن مسعود وقتادة: عشرون درهماً، فاقتسموها درهمين درهمين. وقال مجاهد: اثنان وعشرون درهماً. وقال عكرمة: أربعون درهماً. { وَكَانُواْ } ، يعني: إخوة يوسف، { فِيهِ } ، أي: في يوسف { مِنَ ٱلزَٰهِدِينَ } لأنهم لم يعلموا منزلته عند الله. وقيل: كانوا في الثمن من الزاهدين، لأنهم لم يكن قصدهم تحصيل الثمن، إنما كان قصدهم تبعيد يوسف عن أبيه. ثم انطلق مالك بن ذعر وأصحابه بيوسف، فتبعهم إخوته يقولون: استوثقوا منه لا يأبق، قال: فذهبوا به حتى قدموا مصر، وعرضه مالك على البيع فاشتراه قطفير قاله ابن عباس: وقال: إظفير صاحب أمر الملك، وكان على خزائن مصر يسمى العزيز، وكان الملك يومئذ بمصر ونواحيها الريان بن الوليد بن شروان من العمالقة. وقيل: إن هذا الملك لم يمت حتى آمن واتَّبعَ يوسف على دينه، ثم مات ويوسف حي. قال ابن عباس رضي الله عنهما: لمّا دخلوا مصر تلقى قطفير مالك بن ذعر فابتاع منه يوسف بعشرين ديناراً وزوج نعل وثوبين أبيضين. وقال وهب بن منبه: قدمت السيارة بيوسف مصر فدخلوا به السوق يعرضونه للبيع، فترافع الناس في ثمنه حتى بلغ ثمنه وزنه ذهباً ووزنه فضة ووزنه مسكاً وحريراً، وكان وزنه أربعمائة رطل، وهو ابن ثلاث عشرة سنة فابتاعه قطفير من مالك بن ذعر بهذا الثمن.