الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ } * { قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } * { وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }

{ وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ } ، قال أهل المعاني: جاؤوا في ظلمة العِشاء ليكونوا أجرأ على الاعتذار بالكذب. ورُوي أن يعقوب عليه السلام سمع صياحهم وعويلهم فخرج، وقال: مالكم يا بَنِيَّ هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا: لا. قال: فما أصابكم وأين يوسف؟؟. { قَالُواْ يَـٰأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ } ، أي: نترامى وننتضل، وقال السدي: نشتدُّ على أقدامنا. { وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَـٰعِنَا } ، أي: عند ثيابنا وأقمشتنا. { فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا } ، بمصدق لنا، { وَلَوْ كُنَّا } ، وإن كنّا، { صَـٰدِقِينَ }. فإن قيل: كيف قالوا ليعقوب أنت لا تصدق الصادق؟. قيل: معناه إنك تتهمنا في هذا الأمر لأنك خفتنا عليه في الابتداء واتهمتنا في حقه. وقيل: معناه لا تصدقنا لأنه لا دليل لنا على صدقنا وإن كنّا صادقين عند الله. { وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } ، أي: بدمٍ هو كذب، لأنه لم يكن دم يوسف. وقيل: بدم مكذوب فيه، فوضع المصدر موضع الاسم. وفي القصة: أنهم لطخوا القميص بالدم ولم يشقُّوه، فقال يعقوب عليه السلام: كيف أكله الذئب ولم يشق قميصه؟ فاتهمهم. { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ } ، زيَّنت، { لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } ، معناه: فأمري صبر جميل أو فعلي صبرٌ جميل. وقيل: فصبر جميل أختاره. والصبر الجميل الذي لا شكوى فيه ولا جزع. { وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } ، أي: أستعين بالله على الصبر، على ما تكذبون. وفي القصة: أنهم جاؤُا بذئب وقالوا هذا الذي أكله فقال له يعقوب ياذئب أنت أكلت ولدي وثمرة فؤادي؟ فأنطقه الله عزّ وجلّ، فقال: تالله ما رأيت وجه ابنك قط. قال: كيف وقعت بأرض كنعان؟. قال: جئت لصلة قرابة فصادني هؤلاء فمكث يوسف في البئر ثلاثة أيام.