الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } * { إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } * { مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } * { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

{ قَالُواْ يَٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ } ، أي: ببرهان وحجة واضحة على ما تقول، { وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِىۤ ءَالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ } ، أي: بقولك، { وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } ، بمصدقين. { إِنَ نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ ءَالِهَتِنَا } أي: أصابك { بِسُوۤءٍ } يعني: لست تتعاطى ما نتعاطاه من مخالفتنا وسبِّ آلهتنا إلاّ أن بعض آلهتنا، اعتراك، أي: أصابك بسُوء بخبل وجنون، وذلك أنك سببت آلهتنا فانتقموا منك بالتخبيل لا نحمل أمرك إلا على هذا، { قَالَ } ، لهم هود، { إِنِّىۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ } ، على نفسي، { وَٱشْهَدُوۤاْ } ، ياقوم { أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }. { مِن دُونِهِ } ، يعني: الأوثان، { فَكِيدُونِي جَمِيعاً } ، فاحتالوا في مكركم وضري أنتم وأوثانكم، { ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } ، [لا تؤخرون ولا تمهلون]. { إِنِّي تَوَكَّلْتُ } ، أي: اعتمدت { عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ } قال الضحاك: يحييها ويميتها. قال الفرَّاء: مالكها والقادر عليها. وقال القتيبي: يقهرها، لأن من أخذت بناصيته فقد قهرته. وقيل: إنما خصّ الناصية بالذكر لأن العرب تستعمل ذلك إذا وصفت إنساناً بالذلة، فتقول: ناصية فلان بيد فلان، وكانوا إذا أسروا إنساناً وأرادوا إطلاقه والمَنَّ عليه جزوا ناصيته ليعتدّوا بذلك فخراً عليه، فخاطبهم الله بما يعرفون. { إِنَّ رَبِّى عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ، يعني: إن ربي وإن كان قادراً عليهم فإنه لا يظلمهم ولا يعمل إلاّ بالإِحسان والعدل، فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بعصيانه. وقيل: معناه إن دين ربي إلى صراط مستقيم. وقيل: فيه إضمار، أي: إن ربي يحثكم ويحملكم على صراط مستقيم.