الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

{ إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ }. قوله تعالى: { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } ، قال ابن عباس: نزلت في الأخنس بن شُريق وكان رجلاً حلو الكلام حلو المنظر، يَلْقَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما يحب، وينطوي بقلبه على ما يكره. قوله: «يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ» أي: يُخفون ما في صدورهم من الشحناء والعداوة. وقال عبدالله بن شداد: نزلت في بعض المنافقين كان إذا مَرَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وظهره، وطأطأ رأسه وغطّى وجهه كي لا يراه النبي صلى الله عليه وسلم. وقال قتادة: كانوا يحنون صدورهم كي لا يسمعوا كتاب الله تعالى ولا ذكره. وقيل: كان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخي ستره ويحني ظهره ويتغشى بثوبه. ويقول: هل يعلم الله ما في قلبي. وقال السدي: يثنون أي: يعرضون بقلوبهم، من قولهم: ثنيت عناني. وقيل: يعطفون، ومنه ثني الثوب. وقرأ ابن عباس: «يَثْنَوْنِي» على وزن «يَحْلَوْ لِي» جعل الفعل للمصدر، ومعناه المبالغة في الثني. { لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } ، أي: من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال مجاهد: ليستخفوا من الله إن استطاعوا، { أَلاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } ، يغطون رؤوسهم بثيابهم، { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } ، قال الأزهري: معنى الآية من أولها إلى آخرها: إن الذين أضمروا عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخفى علينا حالهم. أخبرنا عبدالواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا الحسن بن محمد بن صبَّاح، حدثنا حجاج قال: قال ابن جريج أخبرني محمد بن عبَّاد بن جعفر أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهم يقرأ: { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } ، فقال: سألته عنها فقال: كان أناس يستحيون أن يتخلَّوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم.