الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } * { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ } * { وَيٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ }

{ فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ }: والملأ هم الأشراف والرؤساء. { مَا نَرَاكَ } ، يانوح، { إِلاَّ بَشَراً } ، آدمياً، { مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا } ، سفَلَتُنا، والرذل: الدُّون من كل شيء، والجمع: أرْذُل، ثم يجمع على أراذل، مثل كَلْب وأَكْلُب وأَكَالِب، وقال في سورة الشعراء: { وَٱتَّبَعَكَ ٱلأَرْذَلُونَ } ، يعني: السفلة. وقال عكرمة: الحاكة والأساكفة، { بَادِىَ ٱلرَّأْى } ، قرأ أبو عمرو «بادىء» بالهمز أي: أول الرأي، يريدون أنهم اتبعوك في أول الرأي من غير روية وتفكر، ولو تفكروا لم يتبعوك. وقرأ الآخرون بغير همز، أي ظاهر الرأي من قولهم: بدا الشيء: إذا ظهر، معناه: اتبعوك ظاهراً من غير أن يتدبروا ويتفكروا باطناً. قال مجاهد: رأي العين، { وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَـٰذِبِينَ }. { قَالَ } ، نوح، { يَٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِن رَّبِّي } أي: بيان من رَّبِّي، { وَءَاتَانِى رَحْمَةً } ، أي: هدى ومعرفة، { مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ } ، أي: خفيت والتبست عليكم. وقرأ حمزة والكسائي وحفص: «فعُمِّيت عليكُم» بضم العين وتشديد الميم، أي: شُبهت ولُبِّست عليكم، { أَنُلْزِمُكُمُوهَا } ، أي: أنلزمكم البينة والرحمة، { وَأَنتُمْ لَهَا كَـٰرِهُونَ } ، لا تريدونها. قال قتادة: لو قدر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يُلزموا قومَهم الإِيمان لألزموهم، ولكن لم يقدروا. قوله: { وَيَٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً } ، أي: على الوحي وتبليغ الرسالة، كناية عن غير مذكور، { إِنْ أَجْرِىَ } ، ما ثوابي، { إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ } ، هذا دليل على أنهم طلبوا منه طرد المؤمنين، { إِنَّهُمْ مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ } ، أي: صائرون إلى ربهم في المعاد فيجزي من طردهم، { وَلَـٰكِنِّىۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ }.