الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَٰتٍ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } * { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ }

{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } ، بل يقولون اختلقه، { فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ }. فإن قيلَ: قد قال في سورة يونس: { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ } ، وقد عجزوا عنه فكيف قال: { فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ } ، فهو كرجل يقول لآخر: أعطِني درهماً فيعجز، فيقول: أعطِني عشرة؟. الجواب: قد قيل سورة هود أولاً. وأنكر المبرد هذا، وقال: بل نزلت سورة يونس أولاً، وقال: معنى قوله في سورة يونس: { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ } ، أي: مثله في الخبر عن الغيب والأحكام والوعد والوعيد، فعجزوا فقال لهم في سورة هود: إن عجزتم على الإِتيان بسورة مثله في الأخبار والأحكام والوعد والوعيد فأتوا بعشر سور مثله من غير خبر ولا وعد ولا وعيد، وإنما هي مجرد البلاغة، { وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ } ، واستعينوا بمن استطعتم، { مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ }. { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } ، يا أصحاب محمد. وقيل: لفظه جمع والمراد به الرسول صلى الله عليه وسلم وحده. { فَٱعْلَمُوۤاْ } ، قيل: هذا خطاب مع المؤمنين. وقيل: مع المشركين، { أَنَّمَآ أُنزِلِ بِعِلْمِ ٱللَّهِ } ، يعني: القرآن. وقيل: أنزله وفيه علمه، { وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } ، أي: فاعلموا أن لا إله إلا هو، { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } ، لفظه استفهام ومعناه أمر، أي: أسلموا. قوله تعالى: { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } ، أي: من كان يريد بعلمه الحياة الدنيا، { وَزِينَتَهَا } ، نزلت في كل من عمل عملاً يريد به غير الله عزّ وجلّ { نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } ، أي: نُوَفِّ لهم أجور أعمالهم في الدنيا بسعة الرزق ودفع المكاره وما أشبهها. { وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ } ، أي: في الدنيا لا ينقص حظهم.