الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } * { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } * { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ }

{ الۤر كِتَابٌ } ، أي: هذا كتاب، { أُحْكِمَتْ ءَايَـٰتُهُ } ، قال ابن عباس: لم ينسخ بكتاب كما نسخت الكتب والشرائع به، { ثُمَّ فُصِّلَتْ } ، بُيِّنَتْ بالأحكام والحلال والحرام. وقال الحسن: أحكمت بالأمر والنهي، ثم فُصلتْ بالوعد والوعيد. قال قتادة: أحكمت أحكمها الله فليس فيها اختلاف ولا تناقض وقال مجاهد: فُصلتْ أي: فُسرت. وقيل: فُصلتْ أي: أنزلت شيئاً فشيئاً، { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }. { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } ، أي: وفي ذلك الكتاب: أنْ لا تعبدوا إلاّ الله، ويكون محل «أن» رفعاً. وقيل: محله خَفْضٌ، تقديره: بأن لا تعبدوا إلاّ الله، { إِنَّنِى لَكُمْ مِّنْهُ } أي: من الله { نَذِيرٌ } ، للعاصين، { وَبَشِيرٌ } ، للمطيعين. { وَأَنِ } ، عطف على الأول، { ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } ، أي: ارجعوا إليه بالطاعة. قال الفرَّاء: «ثم» هنا بمعنى الواو، أي: وتوبوا إليه، لأن الاستغفار هو التوبة والتوبة هي الاستغفار. وقيل: وأن استغفروا ربكم في المعاصي ثم توبوا إليه في المستأنف { يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَناً } ، يعيشكم عيشاً حسناً في خفض ودعة وأمن وسعة. قال بعضهم: العيش الحسن هو الرضى بالميسور والصبر على المقدور. { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } ، إلى حين الموت، { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِى فَضْلٍ فَضْلَهُ } ، أي: ويؤت كل ذي عمل صالح في الدنيا أجره وثوابه في الآخرة. وقال أبو العالية: من كثرت طاعته في الدنيا زادت درجاته في الآخرة في الجنة، لأن الدرجات تكون بالأعمال. وقال ابن عباس: من زادت حسناته على سيئاته دخل الجنة، ومن زادت سيئاته على حسناته دخل النار، ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف، ثم يدخل الجنة بعد. وقيل: يؤت كل ذي فضل فضله يعني: من عمل لله عزّ وجلّ وفَّقه الله فيما يستقبل على طاعته. { وَإِن تَوَلَّوْاْ } ، أعرضوا، { فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } ، وهو يوم القيامة.