الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } * { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ } * { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } * { كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } * { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } * { ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } * { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } * { فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ }

{ ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } قال ابن عباس: هم المشّاؤون بالنميمة المفرِّقون بين الأحبة الباغون للبرآء العيب، ومعناهما واحد وهو العيَّاب. وقال مقاتل: " الهُمَزة ": الذي يعيبك في الغيب و " اللُّمَزَة ": الذي يعيبك في الوجه. وقال أبو العالية والحسن بضده. وقال سعيد بن جبير وقتادة: " الهُمزة " الذي يأكل لحوم الناس ويغتابهم، واللمزة الطعان عليهم. وقال ابن زيد: " الهُمزة ": الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، و " اللمزة ": الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم. وقال سفيان الثوري: ويهمز بلسانه ويلمز بعينه. ومثله قال ابن كيسان: " الهمزة ": الذي يؤذي جليسه بسوء اللفظ و " اللمزة ": الذي يومض بعينه ويشير برأسه، ويرمز بحاجبه وهما نعتان للفاعل نحو سُخَرة وضُحَكة: للذي يسخر ويضحك من الناس والهُمَزة والُّلمْزة ساكنة الميم الذي يُفْعل ذلك به. وأصل الهَمْز: الكسر والعض على الشيء بالعنف. واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية؟ قال الكلبي: نزلت في الأخنس بن شُريق بن وهب الثقفي كان يقع في الناس ويغتابهم. وقال محمد بن إسحاق: ما زلنا نسمع أن سورة الهمزة نزلت في أمية بن خلف الجمحي. وقال مقاتل: نزلت في الوليد بن المغيرة، كان يغتاب النبي صلى الله عليه وسلم من ورائه ويطعن عليه في وجهه. وقال مجاهد: هي عامة في حق كل من هذه صفته. ثم وصفه فقال: { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاًُ } ، قرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي: " جمَّع " بتشديد الميم على التكثير، وقرأ الآخرون بالتخفيف. { وعدّده } ، أحصاه، وقال مقاتل: استعده وادخره وجعله عتاداً له، يقال: أعددت الشيء وعددته إذا أمسكته. { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } ، في الدنيا يظن أنه لا يموت مع يساره. { كَلاَّ } ، ردَّاً عليه أن لا يخلده ماله، { لَيُنبَذَنَّ } ، ليطرحنّ، { فِى ٱلْحُطَمَةِ } ، في جهنم والحطمة من أسماء النار مثل: سَقَر ولَظَى سميت " حطمة " لأنها تحطم العظام وتكسرها. { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ * نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ * ٱلَّتِى تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } ، أي التي يبلغ ألمها ووجعها إلى القلوب، والاطلاع والبلوغ بمعنى واحدٍ، يحكى عن العرب: متى طلعت أرضنا؟ أي بلغت. ومعنى الآية: أنها تأكل كل شيء منه حتى تنتهي إلى فؤاده، قاله القرظي والكلبي. { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } ، مطبقة مغلقة. { فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ } ، قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر: { في عُمُد } بضم العين والميم، وقرأ الآخرون بفتحهما كقوله تعالى:رَفَعَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا } [الرعد: 2]، وهما جميعاً جمع عمود مثل: أديم وأَدَم وأُدُم، قاله الفرَّاء. وقال أبو عبيدة: جمع عماد مثل: إهاب وأَهَب وأُهُب.

السابقالتالي
2