الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } * { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ }

قوله تعالى: { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ } ، يعني: القرآن { فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكَ } ، فيخبرونك أنه مكتوب عندهم في التوراة. قيل: هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره على عادة العرب، فإنهم يخاطبون الرجل ويريدون به غيره، كقوله تعالى:يَۤا أَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ } [الأحزاب: 1]، خاطب النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به المؤمنون بدليل أنه قال: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } ، ولم يقل " بما تعمل " ، وقال:يَٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } [الطلاق: 1]. وقيل: كان الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بين مصدق ومكذب وشاك، فهذا الخطاب مع أهل الشك، معناه: إن كنت أيها الإِنسان في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان رسولنا محمد، فاسأل الذين يقرؤون الكتابَ من قبلك. قال ابن عباس ومجاهد والضحاك: يعني من آمن من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه، فيشهدون على صدق محمد صلى الله عليه وسلم ويخبرونك بنبوته. قال الفرَّاء: عَلِمَ الله سبحانه وتعالى أن رسوله غيرُ شاكٌّ، لكنه ذكره على عادة العرب، يقول الواحد منهم لعبده: إن كنت عبدي فأطعني، ويقول لولده: افعل كذا وكذا إنْ كنتَ ابني، ولا يكون بذلك على وجه الشك. { لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } ، من الشاكين. { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } ، وهذا كله خطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد منه غيره.