الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } * { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } * { فَلَمَّآ أَلْقَواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ }

{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ }. { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ }. { فَلَمَّآ أَلْقُواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ } ، قرأ أبو عمرو وأبو جعفر: «آلسحر»، بالمدّ على الاستفهام وقرأ الآخرون بلا مدّ، يدل عليه قراءة ابن مسعود «ما جئتُم بِهِ سحرٌ» بغير الألف واللام. { إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ }. { وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ } ، بآياته، { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ }. { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ } ، لم يصدَّق موسى مع ما آتاهم به من الآيات، { إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ } ، اختلفوا في الهاء التي في «قومه»، قيل: هي راجعة إلى موسى، وأراد بهم مؤمني بني إسرائيل الذين كانوا بمصر وخرجوا معه. قال مجاهد: كانوا أولاد الذين أرسل إليهم موسى من بني إسرائيل، هلك الآباء وبقي الأبناء. وقال الآخرون: الهاء راجعة إلى فرعون. وروى عطية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: هم ناسٌ يسيرٌ من قوم فرعون آمنوا، منهم امرأة فرعون، ومؤمن آل فرعون، وخازن فرعون، وامرأة خازنه، وماشطته، وعن ابن عباس رواية أخرى: أنهم كانوا سبعين ألف بيت من القبط من آل فرعون، وأمهاتهم من بني إسرائيل فجعل الرجل يتبع أمه وأخواله. وقيل: هم قوم نجوا من قتل فرعون، وذلك أن فرعون لما أمر بقتل أبناء بني إسرائيل كانت المرأة، من بني إسرائيل إذا ولدت إبناً وهبته لقبطية خوفاً من القتل، فنشؤوا عند القبط، وأسلموا في اليوم الذي غُلِبَت السحرة. قال الفرَّاء: سُمّوا ذرية لأن آباءهم كانوا من القبط وأمهاتهم من بني إسرائيل، كما يقال لأولاد أهل فارس الذين سقطوا إلى اليمن: الأبناء، لأن أمهاتهم من غير جنس آبائهم. { عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ } ، قيل: أراد بفرعون آل فرعون، أي: على خوف من آل فرعون وملئهم، كما قال:وَٱسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [يوسف: 82] أي: أهل القرية. وقيل: إنما قال: «وملئهم» وفرعون واحد لأن الملك إذا ذكر يفهم منه هو وأصحابه، كما يُقال قدم الخليفة يُراد هو ومن معه. وقيل: أراد ملأ الذرية، فإن ملأهم كانوا من قوم فرعون. { أَن يَفْتِنَهُمْ }. أي: يصرفهم عن دينهم ولم يقل يفتنوهم لأنه أخبر عن فرعون وكان قومه على مثل ما كان عليه فرعون، { وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ } ، لمتكبر، { فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } ، المجاوزين الحدّ، لأنه كان عبداً فادّعى الربوبية.