{ فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ } ، يظلمون ويتجاوزون إلى غير أمر الله عزّ وجلّ في الأرض، { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } ، أي: بالفساد. { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } ، لأن وباله راجع عليها، ثم ابتدأ فقال: { مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ، أي: هذا متاع الحياة الدنيا، خبرُ ابتداءٍ مضمر، كقوله:{ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ } [الأحقاف: 35]، أي: هذا بلاغ. وقيل: هو كلام متصل، والبغي: ابتداء، ومتاعٌ: خبره. ومعناه: إنما بغيكم متاع الحياة الدنيا، لا يصلح زاداً لمعادٍ لأنكم تستوجبون به غضب الله. وقرأ حفص " متاع " بالنصب، أي تتمتعون متاع الحياة الدنيا، { ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }. قوله عزّ وجلّ: { إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } ، في فنائها وزوالها، { كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ } ، أي: بالمطر، { نَبَاتُ ٱلأَرْضِ } ، قال ابن عباس: نبت بالماء من كل لون، { مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ } ، من الحبوب والثمار، { وَٱلأَنْعَامُ } ، من الحشيش، { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا } ، حسنَها وبهجتَها وظهر الزهرُ أخضرٌ وأحمر وأصفر وأبيض { وَٱزَّيَّنَتْ } ، أي: تزينت، وكذلك هي في قراءة ابن مسعود: «تزينت». { وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ } ، على جذاذِها وقطافِها وحصادِها، ردّ الكنايةَ إلى الأرض. والمراد: النبات إذ كان مفهوماً، وقيل: ردّها إلى الغلّة. وقيل: إلى الزينة. { أَتَاهَآ أَمْرُنَا } ، قضاؤنا، بإهلاكها، { لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً } ، أي: محصودة مقطوعة، { كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ } ، كأن لم تكن بالأمس، وأصله من غني بالمكان إذا أقام به. وقال قتادة: معناه إن المتشبّث بالدنيا يأتيه أمر الله وعذابه أغفل ما يكون، { كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }.