الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَـٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

قوله تعالى: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا } ، فزعم أن له شريكاً أو ولداً { أَوْ كَذَّبَ بِآيَـٰتِهِ } ، بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ } ، لا ينجو المشركون. { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ } إن عصوه وتركوا عبادته، { وَلاَ يَنفَعُهُمْ } ، إن عبدوه، يعني: الأصنام، { وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ } ، أتخبرون الله، { بِمَا لاَ يَعْلَمُ } ، اللْهُ صحتَه، ومعنى الآية: أتُخْبِرُونَ الله أن له شريكاً، أو عنده شفيعاً بغير إذنه، ولا يعلم الله لنفسه شريكا؟! { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } ، قرأ حمزة والكسائي: «تشركون» بالتاء، هاهنا وفي سورة النحل موضعين، وفي سورة الروم، وقرأ الآخرون كلها بالياء. قوله تعالى: { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } ، أي: على الإِسلام. وقد ذكرنا الاختلاف في سورة البقرة. { فَٱخْتَلَفُواْ } ، وتفرقوا إلى مؤمن كافر، { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } ، بأن جعل لكل أمّة أجلاً. وقال الكلبي: هي إمهال هذه الأمة وأنه لا يهلكهم بالعذاب في الدنيا، { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } ، بنزول العذاب وتعجيل العقوبة للمكذبين، وكان ذلك فصلاً بينهم، { فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } ، وقال الحسن: ولولا كلمة سبقت من ربك، مضت في حكمه أنه: يقضي بينهم فيما اختلفوا فيه بالثواب والعقاب دون يوم القيامة، لقضي بينهم في الدنيا فأدخل المؤمن الجنة والكافر النار، ولكنه سبق من الله الأجل فجعل موعدهم يوم القيامة.