الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ }

قوله تعالى: { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَـٰنَ ٱلضُّرُّ } ، الجَهْد والشدة، { دَعَانَا لِجَنبِهِ } ، أي: على جنبه مضطجعاً، { أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا } ، يريد في جميع حالاته، لأن الإِنسان لا يعدو إحدى هذه الحالات. { فَلَمَّا كَشَفْنَا } ، دفعنا { عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ } ، أي: استمر على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر، ونسي ما كان فيه من الجهد البلاء، كأنه لم يدعنا إلى ضُرٍّ مسّه أي: لم يطلب منا كشف ضُرٍّ مَّسَّه. { كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ } المجاوزين الحدَّ في الكفرِ والمعصية، { مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، من العصيان. قال ابن جريج: كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون من الدعاء عند البلاء وترك الشكر عند الرخاء. وقيل: معناه كما زَيّن لكم أعمالكم كذلك زيّن للمسرفين الذين كانوا من قبلكم أعمالهم. قوله عزّ وجلّ: { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ } أشركوا، { وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَـٰتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَٰلِكَ } ، أي: كما أهلكناهم بكفرهم، { نَجْزِي } ، نعاقب ونهلك، { ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } ، الكافرين بتكذيبهم محمداً صلى الله عليه وسلم، يخُوّف كفار مكة بعذابِ الأمم الخالية المكذبة.