الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } * { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } * { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } * { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }

{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيـمِ } قوله: بسم الله الباء أداة تخفض ما بعدها مثل: من وعن، والمتعلق به الباء محذوف لدلالة الكلام عليه، تقديره: أبدأ بسم الله، أو قل: بسم الله. وأسقطت الألف من الاسم طلباً للخفة وكثرة استعمالها وطولت الباء قال القُتَيبي ليكون افتتاح كلام كتاب الله بحرف معظم، كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول لكتَّابه: طولوا الباء وأظهروا السين وفرجوا بينهما، ودوروا الميم. تعظيماً لكتاب الله تعالى وقيل: لما أسقطوا الألف ردوا طول الألف على الباء ليكون دالاً على سقوط الألف، ألا ترى أنه لما كتبت الألف في:ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } [العلق: 1] ردت الباء إلى صيغتها ولا تحذف الألف إذا أضيف الاسم إلى غير الله ولا مع غير الباء. والاسم هو المسمى وعينه وذاته قال الله تعالى:إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَـٰمٍ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ } [مريم: 7] أخبر أن اسمه يحيى ثم نادى الاسم فقال: «يا يحيى» وقال:مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ } [يوسف: 40] وأراد الأشخاص المعبودة لأنهم كانوا يعبدون المسميات وقال:سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ } [الأعلى: 1]تَبَـٰرَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ } [الرحمن: 78] ثم يقال للتسمية أيضاً اسم فاستعماله في التسمية أكثر من المسمى فإن قيل: ما معنى التسمية من الله لنفسه؟ قيل هو تعليم للعباد كيف يفتتحون القراءة. واختلفوا في اشتقاقه قال المبرد في البصريين: هو مشتق من السمو وهو العلو، فكأنه علا على معناه وظهر عليه، وصار معناه تحته، وقال ثعلب من الكوفيين: هو من الوسم والسمة وهي العلامة وكأنه علامة لمعناه والأول أصح لأنه يُصَغَّر على السُّمَيِّ ولو كان من السمة لكان يُصَغَّر على الوسيم كما يقال في الوعد وعيد ويقال في تصريفه سميت ولو كان في الوسم لقيل: وَسمْتُ. قوله تعالى:«الله» قال الخليل وجماعة: هو اسم علم خاص لله عز وجل لا اشتقاق له كأسماء الأعلام للعباد مثل زيد وعمرو. وقال جماعة هو مشتق ثم اختلفوا في اشتقاقه فقيل: من أله إِلاهة أي عبد عبادة وقرأ ابن عباس رضي الله عنهماوَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } [الأَعراف:127] أي عبادتك - معناه أنه مستحق للعبادة دون غيره وقيل أصله إِله قال الله عز وجل:وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـٰهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ } [المؤمنون: 91] قال المبرد: هو من قول العرب ألهت إلى فلان أي سكنت إليه قال الشاعر:
ألهت إليها والحوادث جمة   
فكأن الخلق يسكنون إليه ويطمئنون بذكره، ويقال: ألهتُ إليه أي فزعت إليه قال الشاعر:
ألهت إليها والركائب وُقَّفٌ   
وقيل: أصل الإِله «ولاه» فأبدلت الواو بالهمزة مثل وشاح واشاح، اشتقاقه من الوله لأن العباد يَوْلَهُونَ إليه أي يفزعون إليه في الشدائد، ويلجؤون إليه في الحوائج كما يوله كل طفل إلى أمه، وقيل هو من الوله وهو ذهاب العقل لفقد من يعز عليك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8