الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } * { رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً } * { فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } * { وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } * { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَوْلَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ } * { جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }

قوله تعالى { لم يَكُنِ الّذِينَ كَفَروا مِنْ أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكينَ مُنفَكِّينَ } معناه لم يكن الذين كفروا من اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب، ولم يكن المشركون الذين هم عبدة الأوثان من العرب، وغيرهم الذين ليس لهم كتاب.. " منفكين " فيه أربعة تأويلات:

أحدها: لم يكونوا منتهين عن الشرك { حتى تأتيهم البَيِّنَةُ } حتى يتبين لهم الحق. وهذا قول ثان: لم يزالوا مقيمين على الشرك والريبة حتى تأتيهم البينة، يعنى الرسل، قاله الربيع.

الثالث: لم يفترقوا ولم يختلفوا أن الله سيبعث إليهم رسولاً حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم وتفرقوا، فمنهم من آمن بربه، ومنهم من كفر، قاله ابن عيسى.

الرابع: لم يكونوا ليتركوا منفكين من حجج الله تعالى، حتى تأتيهم البينة التي تقوم بها عليهم الحجة، قال امرؤ القيس:

إذا قُلْتُ أَنْفَكَّ مِن حُبّها   أبى عالقُ الحُبِّ إلا لُزوما
وفي " البيّنة " ها هنا ثلاثة أوجه:

أحدها: القرآن، قاله قتادة.

الثاني: الرسول الذي بانت فيه دلائل النبوة.

الثالث: بيان الحق وظهور الحجج.

وفي قراءة أبيّ بن كعب: ما كان الذي كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين، وفي قراءة ابن مسعود: لم يكن المشركون وأهل الكتاب منفكين.

{ رسولٌ مِن الله } يعني محمداً.

{ يَتْلُواْ صُحُفاً مُطَهّرَةً } يعني القرآن.

ويحتمل ثانياً: يتعقب بنبوته نزول الصحف المطهرة على الأنبياء قبله. وفي { مطهرة } وجهان:

أحدهما: من الشرك، قاله عكرمة.

الثاني: مطهرة الحكم بحسن الذكر والثناء، قاله قتادة.

ويحتمل ثالثاً: لنزولها من عند الله.

{ فيها كُتُبٌ قَيِّمةٌ } فيه وجهان:

أحدهما: يعني كتب الله المستقيمة التي جاء القرآن بذكرها، وثبت فيه صدقها، حكاه ابن عيسى.

الثاني: يعني فروض الله العادلة، قاله السدي.

{ وما تَفَرَّقَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ } يعني اليهود والنصارى.

{ إلاّ مِن بَعْدِ ما جاءتْهم البْيِّنَةُ } فيه قولان:

احدهما: القرآن، قاله أبو العالية.

الثاني: محمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن شجرة.

ويحتمل ثالثاً: البينة ما في كتبهم من صحة نبوته.

{ وما أُمِروا إلاّ ليَعْبُدوا الله مُخْلِصينَ له الدِّينَ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: مُقِرِّين له بالعبادة.

الثاني: ناوين بقلوبهم وجه الله تعالى في عبادتهم.

الثالث: إذا قال لا إله إلا الله أن يقول على أثرها " الحمد لله " ، قاله ابن جرير.

ويحتمل رابعاً: إلا ليخلصوا دينهم في الإقرار بنبوته.

{ حُنفاءَ } فيه ستة أوجه:

أحدها: متبعين.

الثاني: مستقيمين، قاله محمد بن كعب.

الثالث: مخلصين، قاله خصيف.

الرابع: مسلمين، قاله الضحاك، وقال الشاعر:


السابقالتالي
2