الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } * { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } * { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } * { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ } * { عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } * { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } * { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } * { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } * { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } * { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } * { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب }

{ كلا إنّ الإنسانَ لَيطْغَى } في " كلا " ها هنا وجهان:

أحدهما: أنه ردّ وتكذيب، قاله الفراء.

الثاني: أنه بمعنى إلا، وكذلك { كلا سوف يعلمون } ، قاله أبو حاتم السجستاني.

وفي قوله " ليطغى " أربعة أوجه:

الثاني: ليبطر، قاله الكلبي.

الثالث: ليرتفع من منزلة إلى منزلة، قاله السدي.

الرابع: ليتجاوزه قدره، ومنه قوله تعالى { إنّا لما طَغَى الماءُ } قاله ابن شجرة.

{ أَن رآه اسْتَغْنَى } أي عن ربه، قاله ابن عباس.

ويحتمل ثانياً: استغنى بماله وثروته، وقال الكلبي: نزلت في أبي جهل.

{ إنّ إلى ربِّك الرُّجْعَى } فيه وجهان:

أحدهما: المنتهى، قاله الضحاك.

الثاني: المرجع في القيامة.

ويحتمل ثالثاً: يرجعه الله إلى النقصان بعد الكمال، وإلى الموت بعد الحياة.

{ أَرَأَيْتَ الذي يَنْهَى عَبْداً إذا صَلَّى } نزلت في أبي جهل، روى أبو هريرة أن أبا جهل قال: واللات والعزّى لئن رأيت محمداً يصلّي بين أظهركم لأطأن رقبته ولأعفرن وجهه في التراب، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ رقبته، فما فجأه منه إلا وهو ينكص، أي يرجع على عقبيه، فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه خندقاً من نار وهواء وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً ".

وروى الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنّ لكل أمة فرعون، وفرعون هذه الأمة أبو جهل ".

وكانت الصلاة التي قصد فيها أبو جهل رسول الله صلاة الظهر. وحكى جعفر بن محمد أن أول صلاة جماعة جمعت في الإسلام، يوشك أن تكون التي أنكرها أبو جهل، صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عليّ رضي الله عنه فمرّ به أبو طالب ومعه ابنه جعفر فقال: صل جناح ابن عمك، وانصرف مسروراً يقول:

إنَّ عليّاً وجعفرا ثقتي   عند مُلِمِّ الزمان والكُرَبِ
والله لا أخذل النبيّ ولا   يخذله من كان ذا حَسَبِ
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما   أخي لأمي من بنيهم وأبي
فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.

{ أرأيْتَ إن كان على الهُدَى أو أمَرَ بالتّقْوَى } فيه قولان:

أحدهما: يعني أبا جهل، ويكون فيه إضمار، وتقديره: ألم يكن خيراً له. الثاني: هو النبي صلى الله عليه وسلم كان على الهدى في نفسه، وأمر بالتقوى في طاعة ربه. وفي قوله " أرأيْتَ " احتمال الوجهين:

أحدهما: أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: خطاب عام له ولأمته، والمراد به على الوجهين هدايته، ويكون في الكلام محذوف، وتقديره: هكذا كان يفعل به.

{ أرأَيْتَ إن كَذَّبَ وَتَوَلّى } يعني أبا جهل، وفيه وجهان:

أحدهما: كذب بالله وتولى عن طاعته.

السابقالتالي
2 3