الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } * { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } * { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } * { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } * { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } * { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } * { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } * { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } * { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }

مكية عند جميعهم

قوله تعالى { والشّمْسِ وضُحاها } هذان قسمان:

قَسَمٌ بالشمس، وقَسَم بضحاها، وفي ضحاها أربعة أوجه:

أحدها: هو إشراقها، قاله مجاهد.

الثاني: هو إنبساطها، قاله اليزيدي.

الثالث: حرها، قاله السدي.

الرابع: هذا النهار، قاله قتادة.

ويحتمل خامساً: أنه ما ظهر بها من كل مخلوق، فيكون القسم بها وبالمخلوقات كلها.

{ والقَمَرِ إذا تَلاها } ففيه وجهان:

أحدهما: إذا ساواها، قاله مجاهد.

الثاني: إذا تبعها، قاله ابن عباس.

وفي اتباعه لها ثلاثة أوجه:

أحدها: أول ليلة من الشهر إذا سقطت الشمس يرى القمر عند سقوطها، قاله قتادة.

الثاني: الخامس عشر من الشهر يطلع القمر مع غروب الشمس، قاله الطبري.

الثالث: في الشهر كله فهو في النصف الأول يتلوها، وتكون أمامه وهو وراءها، وإذا كان في النصف الأخير كان هو أمامها وهي وراءه، قاله ابن زيد.

ويحتمل رابعاً: أنه خلفها في الليل، فكان له مثل ما لها في النهار لأن تأثير كل واحد منهما في زمانه، فللشمس النهار. وللقمر الليل.

{ والنّهارِ إذا جَلاَها } فيه وجهان:

أحدهما: أضاءها، يعني الشمس لأن ضوءها بالنهار يجلي ظلمة الليل، قاله مجاهد.

الثاني: أظهرها، لأن ظهور الشمس بالنهار، ومنه قول قيس بن الخطيم:

تجلب لنا كالشمس بين غمامةٍ   بدا حاجبٌ منها وضنّتْ بحاجب
ويحتمل ثالثاً: أن النهار جلّى ما في الأرض من حيوانها حتى ظهر لاستتاره ليلاً وانتشاره نهاراً.

{ والليل إذا يَغْشاها } فيه وجهان:

أحدهما: أظلمها، يعني الشمس، وهو مقتضى قول مجاهد.

الثاني: يسترها، ومنه قول الخنساء:

أرْعَى النجومَ وما كُلِّفْتُ رِعْيَتَها   وتارةً أتغشى فَضْلَ أطْماري
{ والسّماءِ وما بَناها } فيه وجهان:

أحدهما: والسماء وبنائها، قاله قتادة.

الثاني: معناه ومن بناها وهو الله تعالى، قاله مجاهد والحسن.

ويحتمل ثالثاً: والسماء وما في بنائها، يعني من الملائكة والنجوم، فيكون هذا قسَماً بما في السماءِ، ويكون ما تقدمه قسَماً بما في الأرض.

{ والأرْضِ وما طَحَاهَا } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: معناه بَسطها، قاله سفيان وأبو صالح.

الثاني: معناه قسَمها، قاله ابن عباس.

الثالث: يعني ما خلق فيها، قاله عطية العوفي، ويكون طحاها بمعنى خلقها، قال الشاعر:

وما تَدري جذيمةُ مَنْ طحاها   ولا من ساكنُ العَرْشِ الرّفيع
ويحتمل رابعاً: أنه ما خرج منها من نبات وعيون وكنوز، لأنه حياة لما خلق عليها.

{ ونَفْسٍ وما سَوَّاها } في النفس قولان:

أحدهما: آدم، ومن سواها: الله تعالى، قاله الحسن.

الثاني: أنها كل نفس.

وفي معنى سواها على هذا القول وجهان:

أحدهما: سوى بينهم في الصحة، وسوى بينهم في العذاب جميعاً، قاله ابن جريج.

السابقالتالي
2