الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ } * { فَكُّ رَقَبَةٍ } * { أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ } * { يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ } * { أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } * { ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْمَرْحَمَةِ } * { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } * { عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ }

{ فلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ } فيها خمسة أقاويل:

أحدها: أنها طريق النجاة، قاله ابن زيد.

الثاني: أنها جبل في جهنم، قاله ابن عمر.

الثالث: أنها نار دون الحشر، قاله قتادة.

الرابع: أنها الصراط يضرب على جهنم كحد السيف، قاله الضحاك، قال الكلبي: صعوداً وهبوطاً.

الخامس: أن يحاسب نفسه وهواه وعدوّه الشيطان، قاله الحسن.

قال الحسن: عقبة والله شديدة.

ويحتمل سادساً: اقتحام العقبة خالصة من الغرض.

وفي معنى الكلام وجهان:

أحدهما: اقتحام العقبة فك رقبة، قاله الزجاج.

الثاني: معناه فلم يقتحم العقبة إلا مَنْ فكَّ رقبة أو أطعم، قاله الأخفش.

ثم قال: { وما أدْراكَ ما العَقَبَةُ } وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ليعلمه اقتحام العقبة.

ثم بين تعالى ما تقتحم به العقبة.

فقال: { فَكُّ رَقَبَةٍ } فيه وجهان:

أحدهما: إخلاصها من الأسر.

الثاني: عتقها من الرق، وسمي المرقوق رقبة لأنه بالرق كالأسير المربوط من رقبته، وسمي عتقاً فكها لأنه كفك الأسير من الأسر، قال حسان بن ثابت:

كم مِن أسيرٍ فككناه بلا ثَمنٍ   وجَزّ ناصية كُنّأ مَواليها
وروى عقبة بن عامر الجهني أن النبي عليه السلام قال: من أعتق مؤمنة فهي فداؤه من النار.

ويحتمل ثالثاً: أنه أرد فك رقبته وخلاص نفسه باجتناب المعاصي وفعل الطاعات، لا يمنع الخبر من هذا التأويل، وهو أشبه الصواب.

ثم قال تعالى: { أو إطعامٌ في يومٍ ذي مَسْغَبَةٍ } أي مجاعة، لقحط أو غلاء.

{ يتيماً ذا مَقْرَبةٍ } ويحتمل أن يريد ذا جوار.

{ أو مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ } فيه سبعة أوجه:

أحدها: أن ذا المتربة هو المطروح على الطريق لا بيت له، قاله ابن عباس، الثاني: هو الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره، قاله مجاهد.

الثالث: أنه ذو العيال، قاله قتادة.

الرابع: أنه المديون، قاله عكرمة.

الخامس: أنه ذو زمانة، قاله ابو سنان.

السادس: أنه الذي ليس له أحد، قاله ابن جبير.

السابع: أن ذا المتربة: البعيد التربة، يعني الغريب البعيد عن وطنه، رواه عكرمة عن ابن عباس.

{ ثُمَّ كانَ مِنَ الذين آمَنوا وَتَوَاصَوْا بالصَّبْر } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: بالصبر على طاعة الله، قاله الحسن.

الثاني: بالصبر على ما افترض الله عليه، قاله هشام بن حسان.

الثالث: بالصبر على ما أصابهم، قاله سفيان.

ويحتمل رابعاً: بالصبر على الدنيا وعن شهواتها.

{ وتَواصَوْا بالمَرْحَمَةِ } أي بالتراحم فيما بينهم، فرحموا الناس كلهم ويحتمل ثانياً: وتواصوا بالآخرة لأنها دار الرحمة، فيتواصوا بترك الدنيا وطلب الآخرة.

{ أولئك أصحابُ المَيْمَنَةِ } يعني الجنة، وفي تسميتهم أصحاب الميمنة أربعة أوجه:

أحدها: لأنهم أُخذوا من شق آدم الأيمن، قاله زيد بن أسلم.

السابقالتالي
2