الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله عز وجل: { الأعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً } فيه وجهان:

أحدهما: أن يكون الكفر والنفاق فيهم أكثر منه في غيرهم لقلة تلاوتهم القرآن وسماعهم السنن.

الثاني: أن الكفر والنفاق فيهم أشد وأغلظ منه في غيرهم لأنهم أجفى طباعاً وأغلظ قلوباً.

{ وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ } ومعنى أجدر أي أقرب، مأخوذ من الجدار الذي يكون بين مسكني المتجاورين.

وفي المراد بحدود الله ما أنزل الله وجهان:

أحدهما: فروض العبادات المشروعة.

الثاني: الوعد والوعيد في مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم والتخلف عن الجهاد.

قوله عز وجل { وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً } فيه وجهان:

أحدهما: ما يدفع من الصدقات.

الثاني: ما ينفق في الجهاد مع الرسول صلى الله عليه وسلم مغرماً، والمغرم التزام ما لا يلزم، ومنه قوله تعالىإِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } [الفرقان: 65] أي لازماً، قال الشاعر:

فَمَا لَكَ مَسْلُوبَ العَزَاءِ كَأَنَّمَا   تَرَى هَجْرَ لَيْلَى مَغْرَماً أَنْتَ غارِمُهُ
{ وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَآئِرَ } جمع دائرة وهي انقلاب النعمة إلى ضدها، مأخوذة من الدور ويحتمل تربصهم الدوائر وجهين:

أحدهما: في إعلان الكفر والعصيان.

والثاني: في انتهاز الفرصة بالانتقام.

{ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ } رد لما أضمروا وجزاء لما مكروا.

قوله عز وجل { وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } قال مجاهد: هم بنو مقرن من مزينة.

{ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ } يحتمل وجهين:

أحدهما: أنها تقربة من طاعة الله ورضاه.

الثاني: أن ثوابها مذخور لهم عند الله تعالى فصارت قربات عند الله { وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ } فيها وجهان:

أحدهما: أنه استغفاره لهم، قاله ابن عباس.

الثاني: دعاؤه لهم،قاله قتادة.

{ أَلاَ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ } فيه وجهان:

أحدهما: أن يكون راجعاً إلى إيمانهم ونفقتهم أنها قربة لهم.

الثاني: إلى صلوات الرسول أنها قربة لهم.