قوله عز وجل { فَرَحَ الْمُخَلَّفُونَ } أي المتروكون. { بِمَقْعَدِهْم خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ } فيه وجهان: أحدهما: يعني مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا قول الأكثرين. والثاني: معناه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله أبو عبيدة وأنشد.
عفت الديار خلافهم فكانما
بسط الشواطب بينهن حصيراً
أي بعدهم. { وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ } فيه وجهان: أحدهما: هذا قول بعضهم لبعض حين قعدوا. والثاني: أنهم قالوه للمؤمنين ليقعدوا معهم، وهؤلاء المخلفون عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة تبوك وكانوا أربعة وثمانين نفساً. قوله عز وجل { فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً } هذا تهديد وإن خرج مخرج الأمر، وفي قلة ضحكهم وجهان: أحدهما: أن الضحك في الدنيا لكثرة حزنها وهمومها قليل، وضحكهم فيها أقل لما يتوجه إليهم من الوعيد. الثاني: أن الضحك في الدنيا وإن دام إلى الموت قليل، لأن الفاني قليل. { وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً } فيه وجهان: أحدهما: في الآخرة لأنه يوم مقداره خمسون ألف سنة، وهم فيه يبكون، فصار بكاؤهم كثيراً، وهذا معنى قول الربيع بن خيثم. الثاني: في النار على التأبيد لأنهم إذا مسهم العذاب بكوا من ألمه، وهذا قول السدي. ويحتمل أن يريد بالضحك السرور، وبالبكاء الغم.