الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوۤاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ } * { فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }

قوله عز وجل { فَرَحَ الْمُخَلَّفُونَ } أي المتروكون.

{ بِمَقْعَدِهْم خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ } فيه وجهان:

أحدهما: يعني مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا قول الأكثرين.

والثاني: معناه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله أبو عبيدة وأنشد.

عفت الديار خلافهم فكانما   بسط الشواطب بينهن حصيراً
أي بعدهم.

{ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ } فيه وجهان:

أحدهما: هذا قول بعضهم لبعض حين قعدوا.

والثاني: أنهم قالوه للمؤمنين ليقعدوا معهم، وهؤلاء المخلفون عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة تبوك وكانوا أربعة وثمانين نفساً.

قوله عز وجل { فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً } هذا تهديد وإن خرج مخرج الأمر، وفي قلة ضحكهم وجهان:

أحدهما: أن الضحك في الدنيا لكثرة حزنها وهمومها قليل، وضحكهم فيها أقل لما يتوجه إليهم من الوعيد.

الثاني: أن الضحك في الدنيا وإن دام إلى الموت قليل، لأن الفاني قليل.

{ وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً } فيه وجهان:

أحدهما: في الآخرة لأنه يوم مقداره خمسون ألف سنة، وهم فيه يبكون، فصار بكاؤهم كثيراً، وهذا معنى قول الربيع بن خيثم.

الثاني: في النار على التأبيد لأنهم إذا مسهم العذاب بكوا من ألمه، وهذا قول السدي.

ويحتمل أن يريد بالضحك السرور، وبالبكاء الغم.