قوله عز وجل { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ } يحتمل وجهين: أحدهما: أن بعضهم يجتمع مع بعض على النفاق. والثاني: أن بعضهم يأخذ نفاقه من بعضٍ. وقال الكلبي: بعضهم على دين بعض. { يَأَمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ } في المنكر والمعروف قولان: أحدهما: أن المنكر كل ما أنكره العقل من الشرك، والمعروف: كل ما عرفه العقل من الخير. والثاني: أن المعروف في كتاب الله تعالى كله الإيمان، والمنكر في كتاب الله تعالى كله الشرك، قاله أبو العالية. { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } فيه أربعة أقاويل: أحدها: يقبضونها عن الإنفاق في سبيل الله تعالى، قاله الحسن ومجاهد. والثاني: يقبضونها عن كل خير، قاله قتادة. والثالث: يقبضونها عن الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم، قاله بعض المتأخرين. والرابع: يقبضون أيديهم عن رفعها في الدعاء إلى الله تعالى. { نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } أي تركوا أمره فترك رحمتهم. قال ابن عباس: كان المنافقون بالمدينة من الرجال ثلاثمائة، ومن النساء سبعين ومائة امرأة. وروى مكحول عن أبي الدرداء أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفة المنافق: فقال: " إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤتُمِنَ خَانَ، وَإِذا وَعَدَ أَخلَفَ، وَإِذَ خَاصَمَ فَجَرَ، وَإِذَا عَاهَدَ نَقَضَ، لاَ يَأْتِي الصَّلاَةَ إِلاَّ دُبُراً وَلاَ يَذْكُرِ اللَّهَ إِلاَّ هَجْراً ".