الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ } * { وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } * { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ }

قوله عز وجل { فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُم وَلآ أَوْلاَدُهُمْ... } فيه خمسة أقاويل:

أحدها: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة، قاله ابن عباس وقتادة ويكون فيه تقديم وتأخير.

والثاني: إنما يريد الله ليعذبهم بما فرضه من الزكاة في أموالهم، يعني المنافقين. وهذا قول الحسن.

والثالث: ليعذبهم بمصائبهم في أموالهم أولادهم، قاله ابن زيد.

والرابع: ليعذبهم ببني أولادهم وغنيمة أموالهم، يعني المشركين، قاله بعض المتأخرين.

والخامس: يعذبهم بجمعها وحفظها وحبها والبخل بها والحزن عليها، وكل هذا عذاب.

{ وَتَزْهَقَ أَنفُسُهمْ } أي تهلك بشدة، من قوله تعالىوَقُلْ جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ } [الإٍسراء: 81].

قوله عز وجل { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ... } الآية، أما الملجأ ففيه أربعة أوجه:

أحدها: أنه الحرز، قاله ابن عباس.

والثاني: الحصن، قاله قتادة.

والثالث: الموضع الحريز من الجبل، قاله الطبري.

والرابع: المهرب، قاله السدي. ومعاني هذه كلها متقاربة. وأما المغارات ففيها وجهان:

أحدهما: أنها الغيران في الجبال، قاله ابن عباس.

والثاني: المدخل الساتر لمن دخل فيه، قاله علي بن عيسى.

وأما المدَّخل ففيه وجهان:

أحدهما: أنه السرب في الأرض، قاله الطبري.

والثاني: أنه المدخل الضيق الذي يدخل فيه بشدة.

{ لَوَلَّوْا إِلَيْهِ } يعني هرباً من القتال وخذلاناً للمؤمنين.

{ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } أي يسرعون، قال مهلهل:

لقد جمحت جماحاً في دمائهم   حتى رأيت ذوي أحسابهم خمدوا