الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوۤاْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ } * { فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله عز وجل { فَإِذا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ } الآية. في الأشهر الحرم قولان:

أحدهما: أنها رجب وذو العقدة وذو الحجة والمحرم، ثلاثة سرد وواحد فرد، وهذا رأي الجمهور.

والثاني: أنها الأربعة الأشهر التي جعلها الله تعالى أن يسيحوا فيها آمنين وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع عشر من شهر ربيع الآخر، قاله الحسن.

{ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } فيه قولان:

أحدهما: في حل أو حرم.

والثاني: في الأشهر الحرم وفي غيرها. والقتل وإن كان بلفظ الأمر فهو على وجه التخيير لوروده بعد حظر اعتباراً بالأصلح.

{ وَخُذُوهُم } فيه وجهان:

أحدهما: على التقديم والتأخير، وتقديره فخذوا المشركين حيث وجدتموهم واقتلوهم.

والثاني: أنه على سياقه من غير تقديم ولا تأخير، وتقديره: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم.

{ وَاحْصُرُوهُم } على وجه التخيير في اعتبار الأصلح من الأمرين.

وفي قوله { وَاحْصُرُوهُم } وجهان:

أحدهما: أنه استرقاقهم.

والثاني: أنه الفداء بمال أو شراء.

{ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } فيه وجهان:

أحدهما: أن يطلبوا في كل مكان فيكون القتل إذا وجدوا، والطلب إذا بعدوا.

والثاني: أن يفعل بهم كل ما أرصده الله تعالى لهم فيما حكم به تعالى عليهم من قتل أو استرقاق أو مفاداة أو منٍّ ليعتبر فيها فعل الأَصلح منها.

ثم قال تعالى { فَإِن تَابُواْ } أي أسلموا، لأن التوبة من الكفر تكون بالإسلام.

{ وَأَقَامُواْ الْصَلاَةَ } فيه وجهان:

أحدهما: أي اعترفوا بإقامتها، وهو مقتضى قول أبي حنيفة، لأنه لا يقتل تارك الصلاة إذا اعترف بها.

الثاني: أنه أراد فعل الصلاة، وهو مقتضى قول مالك والشافعي، لأنهما يقتلان تارك الصلاة وإن اعترف بها.

{ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ } يعني اعترفوا بها على الوجهين معاً، لأن تارك الزكاة لا يقتل مع الاعتراف بها وتؤخذ من ماله جبراً، وهذا إجماع.