قوله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلتُمْ إِلَى الأَرْضِ } قال الحسن ومجاهد: دُعوا إلى غزوة تبوك فتثاقلوا فنزل ذلك فيهم. وفي قوله { اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ } ثلاثة أوجه: أحدها: إلى الإقامة بأرضكم ووطنكم. والثاني: إلى الأرض حين أخرجت الثمر والزرع. قال مجاهد: دعوا إلى ذلك أيام إدراك النخل ومحبة القعود في الظل. الثالث: اطمأننتم إلى الدنيا، فسماها أرضاً لأنها فيها، وهذا قول الضحاك. وقد بينه قوله تعالى { أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الأَخَرَةِ } يعني بمنافع الدنيا بدلاً من ثواب الآخرة. والفرق بين الرضا والإرادة أن الرضا لما مضى، والإرادة لما يأتي. { فَمَا مَتَاعُ الَْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الأخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } لانقطاع هذا ودوام ذاك. قوله عز وجل { إِلاَّ تَنفِرُواْ } يعني في الجهاد. { يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } قال ابن عباس: احتباس القطر عنهم هو العذاب الأليم الذي أوعدتم ويحتمل أن يريد بالعذاب الأليم أن يظفر بهم أعداؤهم. { وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } يعني ممن ينفر إذا دُعي ويجيب إذا أُمر. { وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً } فيه وجهان: أحدهما: ولا تضروا الله بترك النفير، قاله الحسن. والثاني: ولا تضرّوا الرسول، لما تكفل الله تعالى به من نصرته، قاله الزجاج.