قوله عز وجل { قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخرِ } فإن قيل: فأهل الكتاب قد آمنوا بالله واليوم الآخر فكيف قال ذلك فيهم،؟ ففيه جوابان: أحدهما: أن إقرارهم باليوم الآخر يوجب الإقرار بجميع حقوقه، فكانوا بترك الإقرار بحقوقه كمن لا يقرّ به. والثاني: أنه ذمّهم ذم من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر للكفر بنعمته، وهم في الذم بالكفر كغيرهم. { وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } فيه وجهان: أحدهما: أنه ما أمر الله سبحانه وتعالى بنسخه من شرائعهم. والثاني: ما أحله لهم وحرمه عليهم. { وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِ } والحق هنا هو الله تعالى، وفي المراد بدينه في هذا الموضع وجهان: أحدهما: العمل بما في التوراة من اتباع الرسول، قاله الكلبي. والثاني: الدخول في دين الإسلام لأنه ناسخ لما سواه من الأديان، وهو قول الجمهور. { مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ } فيه وجهان: أحدهما: يعني من آباء الذين أوتوا الكتاب. الثاني: من الذين أوتوا الكتاب بين أظهرهم لأنه في اتباعه كآبائهم. { حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ } فيه تأويلان: أحدهما: حتى يضمنوا الجزية وهو قول الشافعي لأنه يرى أن الجزية تجب انقضاء الحول وتؤخذ معه. والثاني: حتى يدفعوا الجزية. وفي الجزية وجهان: أحدهما: أنها من الأسماء المجملة لا يوفق على علمها إلا بالبيان. والثاني: أنها من الأسماء العامة التي يجب إجراؤها على عمومها إلا ما خص بالدليل. ثم قال تعالى { عَن يَدٍ } وفيه أربعة تأويلات: أحدها: عن غنى وقدرة. والثاني: أنها من عطاء لا يقابله جزاء، قاله أبو عبيدة. والثالث: أن يروا أن لنا في أخذها منهم يداً عليهم بحقن دمائهم بها. والرابع: يؤدونها بأيديهم ولا ينفذونها مع رسلهم كما يفعله المتكبرون. { وَهُمْ صَاغِرُونَ } فيه خمسة أقاويل: أحدها: أن يكونوا قياماً والآخذ لها جالساً، قاله عكرمة. والثاني: أن يمشوا بها وهم كارهون، قاله ابن عباس. والثالث: أن يكونوا أذلاء مقهورين، قاله الطبري. والرابع: أن دفعها هو الصَّغار بعينه. والخامس: أن الصغار أن تجري عليهم أحكام الإسلام، قاله الشافعي.