الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }

قوله عز وجل { قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخرِ } فإن قيل: فأهل الكتاب قد آمنوا بالله واليوم الآخر فكيف قال ذلك فيهم،؟

ففيه جوابان:

أحدهما: أن إقرارهم باليوم الآخر يوجب الإقرار بجميع حقوقه، فكانوا بترك الإقرار بحقوقه كمن لا يقرّ به.

والثاني: أنه ذمّهم ذم من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر للكفر بنعمته، وهم في الذم بالكفر كغيرهم.

{ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } فيه وجهان:

أحدهما: أنه ما أمر الله سبحانه وتعالى بنسخه من شرائعهم.

والثاني: ما أحله لهم وحرمه عليهم.

{ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِ } والحق هنا هو الله تعالى، وفي المراد بدينه في هذا الموضع وجهان:

أحدهما: العمل بما في التوراة من اتباع الرسول، قاله الكلبي.

والثاني: الدخول في دين الإسلام لأنه ناسخ لما سواه من الأديان، وهو قول الجمهور.

{ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ } فيه وجهان:

أحدهما: يعني من آباء الذين أوتوا الكتاب.

الثاني: من الذين أوتوا الكتاب بين أظهرهم لأنه في اتباعه كآبائهم.

{ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ } فيه تأويلان:

أحدهما: حتى يضمنوا الجزية وهو قول الشافعي لأنه يرى أن الجزية تجب انقضاء الحول وتؤخذ معه.

والثاني: حتى يدفعوا الجزية.

وفي الجزية وجهان:

أحدهما: أنها من الأسماء المجملة لا يوفق على علمها إلا بالبيان.

والثاني: أنها من الأسماء العامة التي يجب إجراؤها على عمومها إلا ما خص بالدليل.

ثم قال تعالى { عَن يَدٍ } وفيه أربعة تأويلات:

أحدها: عن غنى وقدرة.

والثاني: أنها من عطاء لا يقابله جزاء، قاله أبو عبيدة.

والثالث: أن يروا أن لنا في أخذها منهم يداً عليهم بحقن دمائهم بها.

والرابع: يؤدونها بأيديهم ولا ينفذونها مع رسلهم كما يفعله المتكبرون.

{ وَهُمْ صَاغِرُونَ } فيه خمسة أقاويل:

أحدها: أن يكونوا قياماً والآخذ لها جالساً، قاله عكرمة.

والثاني: أن يمشوا بها وهم كارهون، قاله ابن عباس.

والثالث: أن يكونوا أذلاء مقهورين، قاله الطبري.

والرابع: أن دفعها هو الصَّغار بعينه.

والخامس: أن الصغار أن تجري عليهم أحكام الإسلام، قاله الشافعي.