قوله عز وجل: { وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأعْرابِ مُنَافِقُونَ } يعني حوله المدينة: قال ابن عباس: مزينة وجهينة وأسلم وغِفار وأشجع كان فيهم بعد إٍسلامهم منافقون كما كان من الأنصار لدخول جميعهم تحت القدرة فتميزوا بالنفاق وإن عمتهم الطاعة. { وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أقاموا عليه ولم يتوبوا منه، قاله عبد الرحمن بن زيد. الثاني: مردوا عليه أي عتوا فيه، ومنه قوله عز وجل{ وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً } [النساء: 117]. الثالث: تجردوا فيه فظاهروا، مأخوذ منه تجرد خد الأمرد لظهوره وهو محتمل. { لاَ تَعْلَمُهُمْ } فيه وجهان: أحدهما: لا تعلمهم حتى نعلمك بهم. الثاني: لا تعلم أنت عاقبة أمورهم وإنما نختص نحن بعلمها، وهذا يمنع أن يحكم على أحد بجنة أو نار. { سَنُعَذِّبُهُمْ مَّرَّتَيْنِ } فيه أربعة أوجه: أحدهما: أن أحد العذابين الفضيحة في الدنيا والجزع من المسلمين، والآخر عذاب القبر، قاله ابن عباس. والثاني: أن أحدهما عذاب الدنيا والآخر عذاب الآخرة، قاله قتادة. والثالث: أن أحدهما الأسر والآخر القتل، قاله ابن قتيبة. والرابع: أن أحدهما الزكاة التي تؤخذ منهم والآخر الجهاد الذي يؤمرون به لأنهم بالنفاق يرون ذلك عذاباً. قال الحسن. { ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } فيه ثلاثة أوجه: أحدهما: أنه عذاب النار في الآخرة. الثاني: أنه إقامة الحدود في الدنيا. الثالث: إنه أخذ الزكاة منهم.