الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْفَجْرِ } * { وَلَيالٍ عَشْرٍ } * { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ } * { وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ } * { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } * { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } * { إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } * { ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } * { وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } * { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ } * { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } * { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } * { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ }

قوله تعالى { والفَجْر } قسم أقسم الله تعالى به، وهو انفجار الصبح من أفق المشرق، وهما فجران: فالأول منهما مستطيل كذنب السرحان يبدو كعمود نور لا عرض له، ثم يغيب لظلام يتخلله، ويسمى هذا الفجر المبشر للصبح، وبعضهم يسميه الكاذب لأنه كذب بالصبح.

وهو من جملة الليل لا تأثير له في صلاة ولا صوم.

وأما الثاني فهو مستطيل النور منتشر في الأفق ويسمى الفجر الصادق لأنه صدقك عن الصبح، قال الشاعر:

شعب الكلاب الضاريات فزاده   ناراً بذي الصبح المصدق يخفق
وبه يتعلق حكم الصلاة والصوم، وقد ذكرنا ذلك من قبل.

وفي قسم الله بالفجر أربعة أقاويل:

أحدها: أنه عنى به النهار وعبر عنه بالفجر لأنه أوله، قاله ابن عباس.

الثاني: أن الفجر الصبح الذي يبدأ به النهار من كل يوم، قاله علّي رضي الله عنه.

الثالث: أنه عنى به صلاة الصبح، وهو مروي عن ابن عباس أيضاً.

الرابع: أنه أراد به فجر يوم النحر خاصة، قاله مجاهد.

وفي { وليالٍ عشْرٍ } - وهي قسم ثان - أربعة أقاويل:

أحدها: هي عشر ذي الحجة، قاله ابن عباس، وقد روى أبو الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " " والفجر وليال عشر " ، قال: عشر الأضحى ".

الثاني: هي عشر من أول المحرم، حكاه الطبري.

الثالث: هي العشر الأواخر من شهر رمضان، وهذا مروي عن ابن عباس.

الرابع: هي عشر موسى عليه السلام التي أتمها الله سبحانه له، قاله مجاهد.

{ والشّفْعِ والوَتْرِ } وهذا قسم ثالث، وفيهما تسعة أقاويل:

أحدها: أنها الصلاة، فياه شفع وفيها وتر، رواه عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: هي صلاة المغرب، الشفع منها ركعتان، والوتر الثالثة، قاله الربيع بن أنس وأبو العالية.

الثالث: أن الشفع يوم النحر، والوتر يوم عرفة، رواه ابن الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الرابع: أن الشفع يوما منى الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة، والوتر الثالث بعدهما، قاله ابن الزبير.

الخامس: أن الشفع عشر ذي الحجة، والوتر أيام منى الثلاثة، قاله الضحاك.

السادس: أن الشفع الخلق من كل شيء، والوتر هو آدم وحواء، لأن آدم كان فرداً فشفع بزوجته حواء فصار شفعاً بعد وتر، رواه ابن نجيح.

التاسع: أنه العدد لأن جميعه شفع ووتر، قاله الحسن.

ويحتمل حادي عشر: أن الشفع ما يَنْمى، والوتر مالا يَنْمى.

{ واللّيْلِ إذا يَسْرِ } وهذا قسم رابع، وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: هي ليلة القدر لسراية الرحمة فيها واختصاصها بزيادة الثواب فيها.

الثاني: هي ليلة المزدلفة خاصة لاختصاصها باجتماع الناس فيها لطاعة الله، وسئل محمد بن كعب عن قوله تعالى { والليل إذا يَسْرِ } فقال أسْر يا ساري، ولا تبيتنّ إلا بجمع، يعني بمزدلفة.

السابقالتالي
2 3