الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } * { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } * { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } * { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ } * { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } * { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } * { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } * { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } * { فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ }

قوله تعالى { والسماءِ والطارقِ } هما قسمَان: " والسماءِ " قَسَمٌ، " والطارقِ " قَسَمٌ.

" الطارق " نجم، وقد بيّنه الله تعالى بقوله: { وما أدْراكَ ما الطارقُ * النجْمُ الثّاقبُ } ومنه قول هند بنت عتبة:

نحْنُ بنـات طـارِق   نـمْشـي علـى النمـارق
تقول: نحن بنات النجم افتخاراً بشرفها، وإنما سمي النجم طارقاً لاختصاصه بالليل، والعرب تسمي كل قاصد في الليل طارقاً، قال الشاعر:

ألا طَرَقَتْ بالليلِ ما هجَعوا هندُ   وهندٌ أَتى مِن، دُونها النأيُ والصَّدّ
وأصل الطرق الدق، ومنه سميت المطرقة، فسمي قاصد الليل طارقاً لاحتياجه في الوصول إلى الدق.

وفي قوله " النجم الثاقب " ستة أوجه:

أحدها: المضيء، قاله ابن عباس.

الثاني: المتوهج، قاله مجاهد.

الثالث: المنقصّ، قاله عكرمة.

الرابع: أن الثاقب الذي قد ارتفع على النجوم كلها، قاله الفراء.

الخامس: الثاقب: الشياطين حين ترمى، قاله السدي.

السادس: الثاقب في مسيره ومجراه، قاله الضحاك.

وفي هذا النجم الثاقب قولان:

أحدهما: أنه زُحل، قاله عليّ.

الثاني: الثريّا، قاله ابن زيد.

{ إن كُلُّ نفْسٍ لّما عليها حافِظٌ } فيه وجهان:

أحدهما: " لّما " بمعنى إلاّ، وتقديره: إنْ كل نفس إلاَّ عليها حافظ، قاله قتادة.

الثاني: أن " ما " التي بعد اللام صله زائدة، وتقديره: إن كل نفس لعليها حافظ، قاله الأخفش.

وفي الحافظ قولان:

أحدهما: حافظ من الله يحفظ عليه أجله ورزقه، قاله ابن جبير.

الثاني: من الملائكة يحفظون عليه عمله من خير أو شر، قاله قتادة.

ويحتمل ثالثاً: أن يكون الحافظ الذي عليه عقله، لأنه يرشده إلى مصالحه، ويكفّه عن مضاره.

{ يَخْرُجُ مِنْ بَيْن الصُّلْبِ والتّرائِب } فيه قولان:

أحدهما: من بين صلب الرجل وترائبه، قاله الحسن وقتادة.

الثاني: بمعنى أصلاب الرجال وترائب النساء.

وفي الترائب ستة أقاويل:

أحدها: أنه الصدر، قاله ابن عياض، ومنه قول دريد بن الصمة.

فإنَّ تُدْبروا نأخذكُم في ظهوركم   وإنْ تُقْبِلُوا نأخذكُم في الترائب
الثاني: ما بين المنكبين إلى الصدر، قاله مجاهد.

الثالث: موضع القلادة، قاله ابن عباس، قال الشاعر:

والزعفران على ترائبها   شرق به اللّباتُ والنحْرُ
الرابع: أنها أربعة أضلاع من الجانب الأسفل، قاله ابن جبير، وحكى الزجاج أن الترائب أربعة أضلاع من يمنة الصدر وأربعة أضلاع من يسرة الصدر.

الخامس: أنها بين اليدين والرجلين والعينين، قاله الضحاك.

السادس: هي عصارة القلب، قاله معمر بن أبي حبيبة.

{ إنّه على رَجْعِهِ لقادرٌ } فيه خمسة أوجه:

أحدها: على أن يرد المني في الإحليل، قاله مجاهد.

الثاني: على أن يرد الماء في الصلب، قاله عكرمة.

الثالث: على أن يرد الإنسان من الكبر إلى الشباب، ومن الشباب إلى الصبا، ومن الصبا إلى النطفة، قاله الضحاك.

السابقالتالي
2