الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } * { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } * { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ } * { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } * { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } * { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } * { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } * { فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً } * { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً } * { إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } * { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } * { بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً }

قوله عز وجل: { إذا السماءُ انشَقّتْ } وهذا من أشراط الساعة، قال عليّ رضي الله عنه: تنشق السماء من المجرة، وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه محذوف الجواب وتقديره: إذا السماء انشقت رأى الإنسان ما قدّم من خير وشر.

الثاني: أن جوابه { كادح إلى ربك كدحاً }.

الثالث: معناه أذكر إذا السماء انشقت.

{ وأَذِنَتْ لِرّبها وحُقّتْ } معنى أذنت لربها أي سمعت لربها، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ما أذن الله لشيء كإذانه لنبي يتغنى بالقرآن أي ما استمع الله لشيء، وقال الشاعر:

صُمٌّ إذا سَمِعوا خيْراً ذُكِرتُ به   وإنْ ذُكِرْتُ بسُوءٍ عندهم أَذِنوا
أي سمعوا.

{ وحُقّتْ } فيه وجهان:

أحدهما: أطاعت، قاله الضحاك.

الثاني: معناه حق لها أن تفعل ذلك، قاله قتادة، ومنه قول كثيّر:

فإن تكُنْ العُتْبى فأهْلاً ومرحبا   وحُقّتْ لها العُتبى لديْنَا وَقَلَّت.
ويحتمل وجهاً ثالثاً: أنها جمعت، مأخوذ من اجتماع الحق على نافيه وحكى ابن الانباري أن { أذنت لربها وحقت } جواب القسم، والواو زائدة.

{ وإذا الأرضُ مُدَّتْ } فيها قولان:

أحدهما: أن البيت كان قبل الأرض بألفي عام، فمدت الأرض من تحته، قاله ابن عمر.

الثاني: أنها أرض القيامة، قاله مجاهد، وهو أشبه بسياق الكلام.

وفي { مُدَّتْ } وجهان:

أحدهما: سويت، فدكّت الجبال ويبست البحار، قاله السدي.

الثاني: بسطت، قاله الضحاك، وروى عليّ بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مدّ الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدمه ".

{ وأَلقْتْ ما فيها وتَخلّتْ } فيه وجهان:

أحدهما: ألقت ما في بطنها من الموتى، وتخلت عمن على ظهرها من الأحياء، قاله ابن جبير.

الثاني: ألقت ما في بطنها من كنوزها ومعادنها وتخلت مما على ظهرها من جبالها وبحارها، وهو معنى قول قتادة.

ويحتمل ثالثاً: هو أعم، أنها ألقت ما استوعدت، وتخلت مما استحفظت لأن الله استودعها عباده أحياء وأمواتاً، واستحفظها بلاده مزارع وأقواتاً.

{ يا أيها الإنسانُ إنك كادحٌ إلى ربك كدْحاً فملاقيه } فيه قولان:

أحدهما: إنك ساعٍ إلى ربك سعياً حتى تلاقي ربك، قاله يحيى بن سلام، ومنه قول الشاعر:

ومَضَتْ بشاشةُ كلِّ عَيْشٍ صالحٍ   وَبقيتُ أكْدَحُ للحياةِ وأَنْصَبُ
أي أعمل للحياة. ويحتمل قولاً ثالثاً: أن الكادح هو الذي يكدح نفسه في الطلب إن تيسّر أو تعسّر.

{ فأمّا مَنْ أَوتي كِتابَه بيمينه } روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

" يعرض الناس ثلاث عرضات، فأما عرضتان فجدال ومعاذير، وفي الثالثة تطير الكتب من الأيدي، فبين آخذٍ كتابه بيمينه، وبين آخذٍ كتابه بشماله ".

{ فسوف يُحاسَبُ حِساباً يَسيراً } وفي الحساب ثلاثة أقاويل:

أحدها: يجازى على الحسنات ويتجاوز له عن السيئات، قاله الحسن.

السابقالتالي
2