قوله تعالى: { ويْلٌ للمطفّفين } قال ابن عباس: كان أهل المدينة من أخبث الناس كيلاً، إلى أن أنزل الله تعالى: { ويل للطففين } فأحسنوا الكيل، قال الفراء: فهم من أوفى الناس كيلاً إلى يومهم هذا. أعمض بعض المتعمقة فحمله على استيفاء العبادة بين الناس جهراً، وفي النقصان سراً. وفي " ويل " سبعة أقاويل: أحدها: أنه واد في جهنم، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعاً. الثاني: صديد أهل النار، قاله ابن مسعود. الثالث: أنه النار، قاله عمر مولى عفرة. الرابع: أنه الهلاك، قاله بعض أهل اللغة. الخامس: أنه أشق العذاب. السادس: أنه النداء بالخسار والهلاك، وقد تستعمله العرب في الحرب والسلب. السابع: أن أصله ويْ لفلان، أي الجور لفلان، ثم كثر استعمال الحرفين فوصلا بلام الإضافة. والمطفف: مأخوذ من الطفيف وهو القليل، والمطفف هو المقلل حق صاحبه بنقصانه عن الحق في كيل أو وزن. قال الزجاج: بل مأخوذ من طف الشيء وهي جهته. { الذين إذا اكْتالوا على الناسِ يَسْتوْفُونَ } أي من الناس، ويريد بالاستيفاء الزيادة على ما استحق. { وإذا كالُوهم أو وَزَنُوهم يُخْسِرون } يعني كالوا لهم أو وزنوا لهم بحذف هذه الكلمة لما في الكلام من الدلالة عليها، { يخسرون } ، ينقصون فكان المطفف يأخذ زائداً ويعطي ناقصاً. { يومَ يَقُومُ الناسُ لربِّ العَالَمِينَ } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: يوم يقومون من قبورهم، قاله ابن جبير. الثاني: يقومون بين يديه تعالى للقضاء، قاله يزيد بن الرشك. قال أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير الغفاري: " كيف أنت صانع يوم يقوم الناس فيه مقدار ثلاثمائة سنة لرب العالمين، لا يأتيهم فيه خبر ولا يؤمر فيه بأمر، " قال بشير: المستعان الله. الثالث: أنه جبريل يقوم لرب العالمين، قاله ابن جبير. ويحتمل رابعاً: يقومون لرب العالمين في الآخرة بحقوق عباده في الدنيا.