الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } * { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } * { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } * { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ } * { لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } * { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله تعالى: { ويْلٌ للمطفّفين } قال ابن عباس: كان أهل المدينة من أخبث الناس كيلاً، إلى أن أنزل الله تعالى: { ويل للطففين } فأحسنوا الكيل، قال الفراء: فهم من أوفى الناس كيلاً إلى يومهم هذا.

أعمض بعض المتعمقة فحمله على استيفاء العبادة بين الناس جهراً، وفي النقصان سراً.

وفي " ويل " سبعة أقاويل:

أحدها: أنه واد في جهنم، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعاً.

الثاني: صديد أهل النار، قاله ابن مسعود.

الثالث: أنه النار، قاله عمر مولى عفرة.

الرابع: أنه الهلاك، قاله بعض أهل اللغة.

الخامس: أنه أشق العذاب.

السادس: أنه النداء بالخسار والهلاك، وقد تستعمله العرب في الحرب والسلب.

السابع: أن أصله ويْ لفلان، أي الجور لفلان، ثم كثر استعمال الحرفين فوصلا بلام الإضافة.

والمطفف: مأخوذ من الطفيف وهو القليل، والمطفف هو المقلل حق صاحبه بنقصانه عن الحق في كيل أو وزن.

قال الزجاج: بل مأخوذ من طف الشيء وهي جهته.

{ الذين إذا اكْتالوا على الناسِ يَسْتوْفُونَ } أي من الناس، ويريد بالاستيفاء الزيادة على ما استحق.

{ وإذا كالُوهم أو وَزَنُوهم يُخْسِرون } يعني كالوا لهم أو وزنوا لهم بحذف هذه الكلمة لما في الكلام من الدلالة عليها، { يخسرون } ، ينقصون فكان المطفف يأخذ زائداً ويعطي ناقصاً.

{ يومَ يَقُومُ الناسُ لربِّ العَالَمِينَ } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: يوم يقومون من قبورهم، قاله ابن جبير.

الثاني: يقومون بين يديه تعالى للقضاء، قاله يزيد بن الرشك.

قال أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير الغفاري: " كيف أنت صانع يوم يقوم الناس فيه مقدار ثلاثمائة سنة لرب العالمين، لا يأتيهم فيه خبر ولا يؤمر فيه بأمر، " قال بشير: المستعان الله.

الثالث: أنه جبريل يقوم لرب العالمين، قاله ابن جبير.

ويحتمل رابعاً: يقومون لرب العالمين في الآخرة بحقوق عباده في الدنيا.