الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } * { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } * { ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ ٱلْجَحِيمِ } * { ثُمَّ يُقَالُ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }

{ كلاّ إنّ كتابَ الفُجّارِ لفي سِجِّينٍ } أما " كلا " ففيه وجهان:

أحدهما: حقاً.

الثاني: أن كلا للزجر والتنبيه.

وأما " سجّين " ففيه ثمانية أقاويل:

أحدها: في سفال، قاله الحسن.

الثاني: في خسار، قاله عكرمة.

الثالث: تحت الأرض السابعة، رواه البراء بن عازب مرفوعاً.

قال ابن أسلم: سجّين: الأرض السافلة، وسجّيل: سماء الدنيا.

قال مجاهد: سجّين صخرة في الأرض السابعة، فيجعل كتاب الفجار تحتها.

الرابع: هو جب في جهنم، روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الفلق جُبٌّ في جهنم مغطّى، وسجّين جب في جهنم مفتوح. "

الخامس: أنه تحت خد إبليس، قاله كعب الأحبار.

السادس: أنه حجر أسود تحت الأرض تكتب فيه أرواح الكفار، حكاه يحيى بن سلام.

السابع: أنه الشديد قاله أبو عبيدة وأنشد:

ضرباً تَواصَتْ به الأبطالُ سِجِّينا   
الثامن: أنه السجن، وهو فِعّيل من سجنته، وفيه مبالغة، قاله الأخفش عليّ بن عيسى، ولا يمتنع أن يكون هو الأصل واختلاف التأويلات في محله.

ويحتمل تاسعاً: لأنه يحل من الإعراض عنه والإبعاد له محل الزجر والهوان { كِتابٌ مَرْقومٌ } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: مكتوب، قاله أبو مالك.

الثاني: أنه مختوم، وهو قول الضحاك.

الثالث: رُقِم له بَشَرٌ لا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد، قاله محمد بن كعب وقتادة.

ويحتمل قولاً رابعاً، إن المرقوم المعلوم.

{ كلاّ بل رانَ على قُلوبِهم ما كانوا يَكْسبونَ } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: أن " ران ": طبع على قلوبهم، قاله الكلبي.

الثاني: غلب على قلوبهم، قاله ابن زيد، ومنه قول الشاعر:

وكم ران من ذنْب على قلب فاجر   فتاب من الذنب الذي ران وانجلى
الثالث: ورود الذنب على الذنب حتى يعمى القلب، قاله الحسن.

الرابع: أنه كالصدإ يغشى القلب كالغيم الرقيق، وهذا قول الزجاج.