الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ } * { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

قوله عز وجل: { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ } فيه وجهان:

أحدهما: تستنصرون.

الثاني: تستجيرون.

والفرق بين المستنصر والمستجير أن المستنصر: طالب الظفر، والمستجير: طالب الخلاص.

والفرق بين المستغيث والمستعين أن المستغيث: المسلوب القدرة، والمستعين الضعيف القدرة.

{ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ } أي فأعانكم.

والفرق بين الاستجابة والإجابة أن الإجابة ما لم يتقدمها امتناع. { أَنَِّي مُمِدُّكُم بَأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: مع كل ملك ملك، وهو قول ابن عباس فتكون الألف ألفين. قال الشاعر:

إذا الجوزاء أردفت الثريا   ظننت بآل فاطمة الظنونـا
الثاني: معناه متتابعين، قاله السدي، وقتادة.

الثالث: معنى مردفين أي ممدّين، والإرداف إمداد المسلمين بهم، قاله مجاهد.

{ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى } فيه وجهان:

أحدهما: أن البشرى هي في مددهم بألف من الملائكة بشروهم بالنصر فكانت هي البشرى التي ذكرها الله تعالى.

والثاني: البشرى النصرة التي عملها الله لهم.

{ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } فيه وجهان:

أحدهما: بالبشرى.

والثاني: بالملائكة.

واختلفوا في قتال الملائكة معهم على قولين:

أحدهما: لم يقاتلوا وإنما نزلوا بالبشرى لتطمئن به قلوبهم، وإلا فملك واحد يهلك جميع المشركين كما أهللك جبريل قوم لوط.

الثاني: أن الملائكة قاتلت مع النبي صلى الله عليه وسلم كما روى ابن مسعود أنه سأله أبو جهل: من أين كان يأتينا الضرب ولا نرى الشخص؟ قال: " مِن قِبَلِ الْمَلاَئِكَةِ " فقال: هم غلبونا لا أنتم.

وقوله: { وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ } لئلا يتوهم أن النصر من قبل الملائكة لا من قبل الله تعالى.