قوله عز وجل { قَل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يَغْفِرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ } يحتمل وجيهن: أحدهما: إن ينتهوا عن المحاربة إلى الموادعة يغفر لهم ما قد سلف من المؤاخذة والمعاقبة. والثاني: إن ينتهوا عن الكفر بالإسلام يغفر لهم ما قد سلف من الآثام. { وَإِن يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأُوَّلِينَ } تأويله على احتمال الوجهين الأولين: فعلى الوجه الأول: تأويله: وإن يعودواْ إلى المحاربة فقد مضت سنة الأولين فيمن قتل يوم بدر وأسر،قاله الحسن ومجاهد والسدي. وعلى الوجه الثاني: فقد مضت سنة الأولين من الأمم السالفة فيما أخذهم الله به في الدنيا من عذاب الاستئصال. قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في أهل مكة بعد أن دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح وقال لهم: " ما ظَنُّكُم بِي وَمَا الَّذِي تَرَونَ أَنِّي صَانِعُ بِكُم؟ " قالوا: ابن عم كريم فإن تعف فذاك الظن بك وإن تنتقم فقد أسأنا، فقال صلى الله عليه وسلم: " أَقُولُ لَكُمْ كَمَا قَالَ يُوسُفُ لإخْوَتِهِ: { لاَ تَثْرِيبَ عَلَيكُمُ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } " [يوسف: 92] فأنزل الله تعالى هذه الآية.