الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ } * { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ مَا سَعَىٰ } * { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ } * { فَأَمَّا مَن طَغَىٰ } * { وَآثَرَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } * { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } * { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا } * { فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا } * { إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَٰهَآ } * { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَٰهَا } * { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَٰهَا }

{ فإذا جاءت الطامّةُ الكُُبْرى } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: أنها النفخة الآخرة، قاله الحسن.

الثاني: أنها الساعة طمت كل داهية، والساعة أدهى وأمّر، قاله الربيع.

الثالث: أنه اسم من أسماء القيامة يسمى الطامة، قاله ابن عباس.

الرابع: أنها الطامة الكبرى إذا سيق أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، قاله القاسم بن الوليد، وهو معنى قول مجاهد.

وفي معنى " الطامّة " في اللغة ثلاثة وجوه:

أحدها: الغاشية.

الثاني: الغامرة.

الثالث: الهائلة، ذكره ابن عيسى، لأنها تطم على كل شيء أي تغطيه.

{ وأمّا مَنْ خاف مَقام رَبِّهِ ونَهَى النفْسَ عن الهَوى } فيه وجهان:

أحدهما: هو خوفه في الدنيا من الله عند مواقعة الذنب فيقلع، قاله مجاهد.

الثاني: هو خوفه في الآخرة من وقوفة بين يدي الله للحساب، قاله الربيع بن أنس، ويكون معنى: خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، قال الكلبي: وزجر النفس عن المعاصي والمحارم.

{ فإنّ الجنّةَ هي المأوَى } أي المنزل، وذكر أنها نزلت في مصعب بن عمير.

{ يسألونَكَ عن الساعةِ أيّانَ مُرْساها } قال ابن عباس: متى زمانها، قاله الربيع { فيمَ أنْتَ مِن ذِكْراها } فيه وجهان:

أحدهما: فيم يسألك المشركون يا محمد عنها ولست ممن يعلمها، وهو معنى قول ابن عباس.

الثاني: فيم تسأل يا محمد عنها وليس لك السؤال، وهذا معنى قول عروة بن الزبير.

{ إلى ربِّك مُنْتَهاها } يعني منتهى علم الساعة: فكف النبي صلى الله عليه وسلم عن السؤال وقال: يا أهل مكة إن الله احتجب بخمس لم يُطْلع عيهن مَلَكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً فمن ادعى علمهن فقد كفر: { إن اللَّه عنده علم الساعة... } إلى آخر السورة.

{ إنّما أنْتَ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم.

{ مَنْذِرُ مَنْ يَخْشَاها } يعني القيامة.

{ كأنّهم يومَ يَرَوْنَها } يعني الكفار يوم يرون الآخرة.

{ لَمْ يَلْبَثُوا } في الدنيا.

{ إلاَّ عَشيّةً } وهي ما بعد الزوال.

{ أو ضُحاها } وهو ما قبل الزوال، لأن الدنيا تصاغرت عندهم وقلّت في أعينهم، كما قال تعالى: { ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعةً من نهارٍ }.