الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَاهَا } * { رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا } * { وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } * { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } * { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا } * { وَٱلْجِبَالَ أَرْسَاهَا } * { مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ }

{ وأَغْطَشَ لَيْلَها وأَخْرَجَ ضُحاها } معناه أظلم ليلها، وشاهد الغطش أنه الظلمة قول الأعشى:

عَقَرْتُ لهم مَوْهِنا ناقتي   وغامِرُهُمْ مُدْلَهِمٌّ غَطِشْ
يعني يغمرهم ليلهم لأنه غمرهم بسواده.

وفي قوله: " وأخرج ضُحاها " وجهان:

أحدهما: أضاء نهارها وأضاف الليل والضحى إلى السماء لأن منهما الظلمة والضياء.

الثاني: قال ابن عباس أن أخرج ضحاها: الشمس.

{ والأرضَ بَعْد ذلك دَحاها } في قوله " بَعْد " وجهان:

أحدهما: مع وتقدير الكلام: والأرض مع ذلك دحاها، لأنها مخلوقة قبل السماء، قاله ابن عباس ومجاهد.

الثاني: أن " بعد " مستعملة على حقيقتها لأنه خلق الأرض قبل السماء ثم دحاها بعد السماء، قاله ابن عمر وعكرمة. وفي " دحاها " ثلاثة أوجه:

أحدها: بسطها، قاله ابن عباس، قال أمية بن أبي الصلت:

وَبَثَّ الخلْق فيها إذْ دَحاها   فَهُمْ قُطّانُها حتى التنادي
قال عطاء: من مكة دحيت الأرض، وقال عبد الله بن عمر: من موضع الكعبة دحيت.

الثاني: حرثها وشقها، قاله ابن زيد.

الثالث: سوّاها، ومنه قول زيد بن عمرو:

وأسْلَمْتُ وجهي لمن أسْلَمتْ   له الأرضُ تحمل صَخْراً ثِقالا
دحاها فلما اسْتَوتْ شدّها   بأيْدٍ وأرْسَى عليها الجبالا