الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } * { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } * { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } * { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } * { لِّلطَّاغِينَ مَآباً } * { لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً } * { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً } * { إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } * { جَزَآءً وِفَاقاً } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } * { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً } * { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً } * { فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً }

{ إنّ يومَ الفصلِ } يعني يوم القيامة، سمي بذلك لأنه يفصل فيه الحكم بين الأولين والآخرين والمثابين والمعاقبين.

{ كانَ مِيقاتاً } فيه وجهان:

أحدهما: ميعاداً للإجتماع.

والثاني: وقتاً للثواب والعقاب.

{ وسُيِّرتِ الجبالُ فكانتْ سَراباً } فيه وجهان:

أحدهما: سُيّرت أي أزيلت عن مواضعها.

الثاني: نسفت من أصولها.

" فكانت سراباً " فيه وجهان:

أحدهما: فكانت هباءً.

الثاني: كالسراب لا يحصل منه شيء كالذي يرى السراب يظنه ماء وليس بماء.

{ إنّ جهنّمَ كانت مِرْصاداً } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: يعني أنها راصدة فجازتهم بأعمالهم، قاله أبو سنان.

الثاني: أن على النار رصداً، لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز عليه، فمن جاء بجواز جاز، ومن لم يجىء بجواز لم يجز، قاله الحسن.

الثالث: أن المرصاد وعيد أوعد الله به الكفار، قاله قتادة.

{ للطّاغينَ مَآباً } فيه قولان:

أحدهما: مرجعاً ومنقلباً، قاله السدي.

الثاني: مأولى ومنزلاً، قاله قتادة.

والمراد بالطاغين من طغى في دينه بالكفر أو في دنياه بالظلم.

{ لابِثينَ فيها أَحْقاباً } يعني كلما مضى حقب جاء حقب وكذلك إلى الأبد واختلفوا في مدة الحقب على سبعة أقاويل:

أحدها: ثمانون سنة، قاله أبو هريرة.

الثاني: أربعون سنة، قاله ابن عمر.

الثالث: سبعون سنة، قاله السدي.

الرابع: أنه ألف شهر، رواه أبو أمامة مرفوعاً.

الخامس: ثلاثمائة سنة، قاله بشير بن كعب.

السادس: سبعون ألف سنة، قاله الحسن.

السابع: أنه دهر طويل غير محدود، قاله قطرب.

وفي تعليق لبثهم بالأحقاب قولان:

أحدهما: أنه على وجه التكثير، كلما مضت أحقاب جاءَت بعدها أحقاب، وليس ذلك بحد لخلودهم في النار.

الثاني: أن ذلك حد لعذابهم بالحميم والغسّاق، فإذا انقضت الأحقاب عذبوا بغير ذلك من العذاب.

{ لا يَذُوقونَ فيها بَرداً ولا شَراباً } في البرد ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنه برد الماء، وبرد الهواء، وهو قول كثير من المفسرين.

الثاني: أنه الراحة، قاله قتادة.

الثالث: أنه النوم، قاله مجاهد والسدي وأبو عبيدة.

وأنشد قول الكندي:

بَرَدَتْ مَراشِفُها علىَّ فَصَدَّني   عنها وعن تَقْبيلِها البَرْدُ
يعني النوم.

والشراب ها هنا: العذاب.

ويحتمل أن يريد بالشراب الري، لأن الشراب يروي وهم فيها عطاش أبداً.

{ إلاّ حَميماً وغَسّاقاً } أما الحميم ففيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنه الحارّ الذي يحرق، قاله ابن عباس.

الثاني: دموع أعينهم في النار تجتمع في حياض في النار فيُسقونْه، قاله ابن زيد.

الثالث: أنه نوع من الشراب لأهل النار، قاله السدي. وأما الغسّاق ففيه أربعة أقاويل:

أحدهاك أنه القيح الغليظ، قاله ابن عمر.

السابقالتالي
2